علاج فرط الحركة و تشتت الانتباه Attention deficit hyperactivity disorder ويطلق عليه اختصارا ( ADHD ) ينقسم لقسمين أولهما العلاج الدوائي ، وثانيهما العلاج السلوكي .
ومن المهم أن نعلم أن هناك حالات يصلح معها العلاج السلوكي فقط . وهناك حالات لابد من العلاج الدوائي مع السلوكي . وهذا يعتمد على عدة نقاط ، منها عمر الحالة ، وشدة الإصابة بهذا الاضطراب ، و درجة تحسن الحالة مع الوقت ، وكيفية تقبل الحالة للعلاج .
فكل هذه الأمور تحدد ما إذا كانت الحالة تستدعي تدخلا دوائيا مع تعديل السلوك ؟ أم فقط سنكتفي بالعلاج السلوكي ؟
وبالطبع سيحدد المختصون أي سبيل سنسلكه مع الحالة ، من خلال المعطيات السابقة ، ومتابعة صاحب الإضطراب بشكل مستمر .
لذا في هذه المقالة سنلقي الضوء على أهم النقاط والقواعد والتوصيات في رحلة علاج هذا الاضطراب ، فهيا بنا …
العلاج الدوائي لفرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)
قبل أن نبدأ في العلاج السلوكي ، وتعديل سلوك الطفل المصاب بفرط الحركة ونقص الإنتباه ، يجب أن يكون الطفل قادرا على تلقي التعليمات . و أن يكون تركيزه جيدا ، حتى يستوعب المعلومة ، ويحفظها ، ويسترجعها وقت الحاجة . و أيضا أن يكون مستقرا جسديا .
فمشكلة اضطراب ال( ADHD ) أنه يجعل الطفل مشتتا ، وغير قادر على تلقي المعلومة . وحتى لو تلقاها فلا يستطيع تخزينها ، وبالتالي ينساها . كما أن فرط الحركة لديه يجعل من الصعب أساسا أن يجلس ليتلقى التعليمات و الدروس والتوجيهات .
لذا مع كثير من الحالات يتم وصف بعض الأدوية ، والتي تعمل على حل هاتين المشكلتين . بحيث نزيد من قدرة الانتباه والتركيز للمخ ، وأيضا نقلل من فرط الحركة الجسدية ، وبالتالي يصبح المريض مهيأ للعلاج السلوكي ، ويتم تعديل سلوكه بنجاح .
كما أنه في الغالب هذه الأدوية يتم استخدامها لفترات معينة ، وليس دائما في معظم الحالات . فأساس التعامل مع اضطراب ( ADHD ) هو التعديل السلوكي والنفسي ، وتعاون الأبوين والأسرة مع الطفل المصاب .
أما الجزء الدوائي ، فهو كما ذكرنا يعتمد على درجة و شدة الحالة . فهناك من الأساس من لا يحتاج العلاج الدوائي ، وفقط نكتفي بتعديل السلوك . لكن لو تم تشخيص الطفل من قبل الطبيب النفسي والعصبي الخاص بالأطفال تشخيصا صحيحا ، وقام بوصف بعض الأدوية له فلا بأس .
فهذه الأدوية ستعمل على جعل الطفل أكثر هدوء وتركيز ، سواء في المنزل أو في المدرسة . وبالتالي سينجح معه التدريب السلوكي بإذن الله .
أنواع الأدوية التي تستخدم في علاج فرط الحركة و تشتت الإنتباه
يعتمد العلاج الدوائي لهذا الاضطراب على محورين أساسيين ، هما زيادة التركيز والإنتباه ، والتقليل من النشاط البدني الزائد والمفرط للمريض . لذا فنوعية الأدوية المستخدمة تكون كالتالي :-
1- الأدوية المنشطة أو المحفزه ( Stimulant )
هذه الأدوية تعمل على زيادة قدرة الدماغ من حيث الإستيعاب و الإنتباه والتركيز . أي أنها تعمل على تحسين القدرات الذهنية . فهي تعمل على زيادة تركيز مادة الدوبامين ( Dopamine ) و النورإبينفرين ( Norepinephrine ) في الخلايا العصبية . وهي هرمونات تعمل كنواقل عصبية .
وبالتالي تتحسن عملية الربط والنقل العصبي بين الخلايا العصبية في الدماغ ، ويتم نقل المعلومات بينها بشكل أفضل . ويقل التشتت ونقص الانتباه .
وأشهر أنواع الأدوية التي تستخدم من هذه الفئة دواء ميثيل فينيدات ( Methylphenidate ) . وهو الدواء الأشهر والأكثر إستخداما في اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه .
وهناك أيضا دواء الديكسامفيتامين ( Dexamfetamine ) ، وأيضا دواء ليسديكسامفيتامين ( Lisdexamfetamine ) . حيث يتم استخدام أحدهم في حالة عدم إعطاء الميثيل فينيدات النتائج المطلوبة .
وهذه الفئة من الأدوية تعطى للأعمار التي تخطت الخمس سنوات . وتبدأ بجرعات بسيطة ، ثم إذا رأى الطبيب المعالج أن الحالة تحتاج لزيادة في الجرعة فسيزيدها تدريجيا .
ولها آثار جانبية يختفي ويقل معظمها بعد عدة أيام من الإستخدام . ومن أشهر هذه الأعراض ، زيادة بسيطة في ضغط الدم بسبب زيادة ضربات القلب ، أرق ، صداع ، فقدان الشهية ، ألم خفيف بالمعدة ، إنخفاض الوزن .
وكما ذكرنا تختفي معظم هذه الآثار مع الوقت ، لكن في المقابل فإن فائدتها للطفل الذي يحتاجها بالفعل تجعلنا نتغاضى ونتحمل هذه الأعراض الجانبية المستحملة والطفيفة ، في سبيل تحسن الحالة .
2- الأدوية الغير منشطة ( nonstimulant )
ومن أشهر الأدوية في هذه الفئة هو دواء أتوموكسيتين ( Atomoxetine ) وهو يعطى للأعمار من ستة سنوات فأكثر . ويتم وصفه في حالة أن الأدوية المنشطة لم تعطي النتائج المرجوة ، سواء يكون بديلا عنها ، أو يعطى معها لزيادة الفاعلية .
وهذا النوع من الأدوية بطئ نسبيا في إظهار تأثيراته الإيجابية . حيث يبدأ ظهور التحسن على الحالة بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع .
وأيضا لها بعض الآثار الجانبية ، والتي تقل وتختفي مع الوقت . ومن أشهر هذه الأعراض الجانبية ، زيادة في ضربات القلب ، ارتفاع ضغط الدم بشكل خفيف ، صداع ، دوخة ، ألم في المعدة ، نقص الشهية ، اضطرابات في النوم ، إمساك ، و ارتفاع في إنزيمات الكبد .
3- أدوية تعمل على تقليل النشاط الزائد و الإندفاع
لا توصف هذه الفئة من الأدوية إلا إذا رأى الطبيب المختص أن الحالة تستدعي ذلك و بشدة . فلو كان المريض يعاني من نشاط بالغ ، وتهور و اندفاعية قد تضره جسديا ، فسيصف الطبيب المختص والمتابع للحالة بعض أنواع الأدوية التي ستعمل على تقليل فرط الحركة والإندفاعية .
ومن أشهر هذه الأدوية دواء ريسبيريدون ( Risperidone ) ، و دواء أريبيبرازول ( Aripiprazole ) . حيث تؤخذ هذه الأدوية مع المتابعة و الإشراف الطبي اللصيق .
4- المكملات
يجب عمل فحص لفيتامين دال (Vitamin D) و فيتامين باء 12 (B12) لما لهما من دور كبير في الصحة الجسدية و النفسية .
ومن أهم المكملات التي تعطى لمريض فرط الحركة و تشتت الانتباه هي الأوميغا3 (Omega 3) . فمادة ال DHA التي تتواجد بشكل كبير في الأوميغا3 . والتي تكون مايزيد عن 60% من المخ البشري . وبالتالي يقترن نقصها بحدوث إضطرابات نمائية ، خصوصا للأطفال .
ومن خلال هذه النظرية . فقد أجرت جامعة Kings College في بريطانيا ، بحثا مهما على 92 طفلا مصابون بفرط الحركة و تشتت الإنتباه ADHD . تتراوح أعمارهم بين 6-18 سنة .
وبعد إعطائهم جرعات جيدة من أوميغا3 ( Omega3 ) ، ولمدة 12 أسبوعا . لوحظ تحسن التركيز والإنتباه عندهم . وأيضا تحسن سلوكهم و نشاطهم . بحيث قلت الإندفاعية و العدوانية لديهم بشكل جيد .
العلاج السلوكي لفرط الحركة و تشتت الانتباه
يجب أن نعلم أن العلاج السلوكي لفرط الحركة و تشتت الانتباه مهم جدا لعلاج لهذا الإضطراب . ويعتمد على عدة محاور، لكن أهم ركيزة في هذا العلاج هي (الوالدين) . فالتزامهم وصبرهم مهم . ويجب أن يعلم الوالدان أنهما يقومان بعمل عظيم ، وهو بناء شخصية طفل ليكبر، وليكون إنسانا سويا ، يعيش حياته بشكل طبيعي . بل إنهم ينقذون طفلهم من اضطراب قد يفتك به ويدمره . أعلم أن هذا الطريق طويل وقد يكون شاقا ، لكن نهايته جميلة ومضمونة بشفاء إبنهم بإذن الله .
و سنلقي الضوء على نقاط مهمة جدا ، لابد من إتباعها لتعديل السلوك . فيجب أن نعلم أن الطفل المصاب بفرط الحركة و قصور الإنتباه ( ADHD ) مشكلته أنه مشتت ، ولا يتذكر ما حصل معه من المواقف السابقة . وبالتالي لا يجيد التعامل مع المواقف الحالية أو القادمة . فذاكرته لم تقم بتخزين الأحداث السابقة ، وما ترتب عليها من نتائج .
لذا فمن الأمور الهامة التي سنتبعها في رحلة العلاج السلوكي هي تثبيت المعلومة والموقف في ذهن الطفل بقدر المستطاع ، عن طريق التكرار بشكل معين ، والمكافآت ، والتنبيه . بحيث مع الوقت يبدأ الطفل في فهم طريقة التعامل مع المواقف المختلفة .
فالعقل البشري قابل للتعلم والتكيف مهما كانت الظروف . فقط يحتاج للطريقة الصحيحة لإدخال المعلومة إليه . ويمكن أن نشبه ذلك بجهاز الكمبيوتر ، فيجب لكي يعمل جيدا أن ندخل عليه برامج السوفت وير أولا .
كذلك الطفل المصاب ب( ADHD ) يجب علينا أن ندخل إليه أساليب التعامل ، وردود الفعل التي سيتعامل بها مع المواقف القادمة . بخلاف الطفل الطبيعي الذي لديه القدرة على التركيز والتعلم ، واكتساب الخبرة من المواقف التي يتعرض لها ، وحفظها في ذاكرته .
طرق علاج فرط الحركة و تشتت الانتباه سلوكيا
1- تعديل سلوك الآباء وطريقة تفكيرهم و أسلوب تعاملهم مع الطفل
بداية وقبل كل شئ ، فكما ذكرنا سابقا أن الدور الأهم يقع على عاتق الأبوين لتعديل سلوك طفلهما المصاب بهذا الاضطراب . لذا فالقاعدة الأولى و الوسطى بل والأخيرة هي ( الصبر ) ثم بعد ذلك الإلتزام بأساليب وطرق العلاج السلوكي .
فيجب أن يعلم الوالدان أن طفلهم لا يقوم بالأفعال والحركات ، وعدم التركيز ، وسرعة الملل ، وغيرها من الأفعال الغير طبيعية المصاحبة لهذا الاضطراب بإرادته . بل هي غير إرادية ، ولا يستطيع الطفل التحكم فيها من تلقاء نفسه فليس له ذنب .
بل إن كثيرا من هؤلاء الطفال عندما تصدر منهم هذه الفعال والإندفاعات ، ويشاهدون غضب من حولهم ، فإنهم من داخلهم يكونون مضطربين ، وغير راضين عن أنفسهم ، ولديهم شعور بالذنب و الإحباط . لكن هذه الأمور تحدث لا إراديا ، وقد يحاولون التحكم في أنفسهم لكن يفشلون .
فيجب أن نساعدهم وندعمهم ، ونشعرهم أننا نتفهم وضعهم . وأن لا نتعجل النتائج ، فالمهم أننا نسلك الطريق الصحيح وليس مهما متى سنصل . فكل ذلك سيشعر الطفل بالأمان ، و بالتالي سيحب البيئة التي يعيش فيها . وسيتقبل كل ما سيقوم الوالدان بتعليمه له بحب و انتباه .
أهم النصائح للأبوين في التعامل مع ابنهم المصاب باضطراب (ADHD)
1)- أولا ، لابد من إتباع أسلوب (( الحزم الحاني )) أو (( الحنان الحازم )) في كل الأساليب التي سنذكرها لآخر المقالة . فأصحاب هذا الإضطراب غالبا لديهم لامبالاة لما يحدث حولهم .
لذا فعند التعليم أو طلب أمر ما (فقط هذا الأسلوب للتدريب والطلب وليس منهج للتعامل الدائم) ، فلابد أن يكون أسلوب الكلام كالتالي :-
أن يكون الصوت واضحا ( ليس عاليا جدا ولا منخفضا ) ؛ أن نتكلم بسرعة متوسطة أو بطيئة نسبيا بحيث يستوعب الكلام تدريجيا ؛ أن لا ننظر مباشرة في عينه فهذا قد يوتره جدا ، بل ننظر لوجهه بشكل كامل ؛
أن لا نظهر أي مشاعرأو إنفعالات على الوجه ، كالتعاطف أو الإبتسامة أو الغضب ؛ عدم بدأ الطلب أو إنهائه بكلمات عاطفية مثل (يا حبيبي) وهكذا.. بل نملي عليه الطلب مباشرة وننهي بكلمة جازمة مثل (الآن) . فباختصار يجب أن يكون التعامل بخليط من الحنان و الحزم معا .
2)- يمنع تماما أسلوب التهديد والوعيد ، أو الشتم أو الضرب أو الصراخ . فكلها لن تعطي أي نتيجة إيجابية ، بل ستزيد الوضع سوءا ، وسيشعر الأبوين بتأنيب الضمير بعدها .
3)- نتبع أسلوب الثواب والعقاب . بحيث لو أحسن التصرف ، أو نفذ طلب الأبوين فيجب أن نكافئه فورا حتى لو بالكلام والمدح . فهذا سيحفزه على القيام بالأمور الصحيحة .
ولو أخطأ فالعقاب يكون متفقا عليه بينكما مسبقا ، كالحرمان من المصروف اليوم ، أو عدم الخروج في النزهة التي كنا خططنا لها اليوم . ويجب تنفيذ الثواب والعقاب ، حتى يعرف الطفل ان الأمر جدي فيلتزم .
4)- عدم النقد أو المقارنة الهدامة ، أو كثرة النصح والتربص . فكل ذلك يحبط الطفل ، ويزيد من توتره .
5)- من المهم عند طلب أمر ما أن نقرنه بسبب هذا الطلب ، مثل إغسل أسنانك حتى تكون بيضاء وجميلة .
6)- من المهم لتكوين شخصيته أن نخيره بين أحد الأمرين أيهما يريد هو أن يبدأ به أولا. مثل هل تريد غسل أسنانك أولا ؟ أم ترتب غرفتك أولا ؟
2- طريقة بدء الطلب و إعطاء التوجيهات
مريض اضطراب ال(ADHD) عنده مشكلتين . هما أنه غير جدي في التعامل مع الكلام والمواقف ، وأيضا بسبب تشتته ونقص الإنتباه لديه سنشعر أننا عندما نكلمه أنه لا ينتبه إلينا ، كأننا نتكلم مع أنفسنا .
لذا عند إعطاء التوجيهات أو الطلب منه لابد من أن تكون التعليمات واضحة ، و أن نلفت ونثير إنتباهه أولا ، بأن نبدأ كلامنا معه بمؤثر حسي أو لغوي .
فالمؤثر الحسي كأن نصفق له لينتبه لنا مع بداية الكلام ، أو أن نربت على كتفه لتنبيهه أننا سنلقي توجيهات لينتبه لنا . أما المثير اللفظي فنبدأ الكلام معه بكلمات تنبيهية مثل ( ركز معي ) أو ( هناك شئ مهم سأقوله الآن) .
فهذه الطريقة تشحذ حواسه للإنتباه ، والإستعداد لتلقي المعلومة . بخلاف لو ذكرنا له التعليمات أو الطلب مباشرة ففي الغالب لن ينتبه لنا إلا في منتصف كلامنا معه .
3- تدريب الطفل على تنفيذ الطلب
بداية يجب أن نعلم أننا نقوم بتدريب الطفل على الإنتباه ، وتلقي الطلب والتعليمات . وليس المقصود هو السيطرة والتحكم في الطفل . فهذا هو أساس العلاج السلوكي أو التعديل السلوكي .
فيجب ان تسير الأمور بشكل هادئ ومنظم ، وعدم تعجل النتائج أو الإنفعال . فلو تعاملنا مع الطفل بغرض أن نجعله مجرد شخص ينفذ أي توجيه أو أمر بلا تفكير وبلا نقاش ، فإننا بذلك سنلغي شخصيته تماما.
بل وسيتحول لشخص ضعيف ، كل همه أن ينفذ ما يملى عليه من أوامر ، حتى لا يتم عقابه . وهذا بالطبع سينعكس على شخصيته مع زملائه ، و في المدرسة . حيث سينفذ كل ما يطلبه منه زملاؤه بلا تفكير ، حتى لو طلبوا منه أشياء تضره فلن يعترض .
وبالطبع ليس هذا ما نسعى إليه أبدا . فالمطلوب منا فقط هو أن ندربه على كيفية الإنتباه ، وتلقي المعلومة والطلب بتركيز ، وأن يقوم بتنفيذها بشكل صحيح ، طالما أن هذا الطلب لن يضره بل سيفيده .
لذا بداية يجب أن يكون الأسلوب بيننا هو الطلب وليس الأمر . ومن المهم أن نبين له لماذا سيقوم بفعل هذا الطلب ، مثل أن نقول له ( الآن هيا لتغسل أسنانك لتكون رائحة فمك نظيفة ) .
فلو لم يستجب الطفل فسنكرر الطلب بنفس الطريقه ، حتى يعلم الطفل أننا جادون . وبعد أن يستجيب ويغسل أسناه (حتى لو بشكل غير متقن ) يجب بعدها أن نمدحه لتنفيذ هذا الفعل مثل ( رائع لقد غسلت أسنانك وهي الآن رائحتها جميلة ).
وسنقوم بتحديد طلبين في اليوم ، مثل طلب غسل الأسنان ، وطلب ترتيب سريره . بحيث نكرر هاذين الطلبين مرتين في اليوم فقط ، مرة صباحا ومرة مساء ، يوميا لمدة أسبوع .
وعندما نلاحظ أن الطفل قد تعود على تنفيذ هاذين الطلبين بشكل جيد ، ننتقل إلى طلبين آخرين مختلفين . نركز عليهما بنفس الأسلوب في الطلبين السابقين ، ونستمر معه هكذا .
4- كيف أزيد من قدرة مريض اضطراب (ADHD) على التركيزفي الكلام الموجه له ؟
بطريقة بسيطة جدا لكن لها تأثير جيد ، يمكننا أن ندرب الطفل على الإنتباه في الكلام الموجه له. وأيضا التفكير وتحليل وفهم هذا الكلام . فكثير من مصابي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه عندما يذكر الكلام أمامهم ، فإنهم لا ينتبهون له ، ولو سمعوه فأحيانا كثيرة لا يتفكرون في معناه .
لذا نجد أن هؤلاء الأطفال (على الرغم من ذكائهم) عند قراءة نصوص عربية أو بلغة أخرى ، يقرأونها بسرعة ، لكن لا يفهمون عمق ومعنى الكلمات . لذا نجدهم في مواد اللغة العربية أو الإنجليزية أو غيرها من التي تحتاج لفهم الكلمات ليسوا جيدين . لكن في مواد الرياضيات نجدهم أفضل بكثير .
ولنتغلب على ذلك نستطيع أن نكون جملة من 4-6 كلمات مثل (ذهبت اليوم للمدرسة ، ولعبت مع أصدقائي) ثم نطلب منه أن يستمع إلينا ، وبعد ذلك نطالبه بتكرار تلك الجملة بتدبر مرتين أو ثلاثة . ثم بعد أن يؤدي ذلك نسأله بعدها في محتواها .
كأن نساله أين ذهبت اليوم ؟ فإذا أجاب ( للمدرسة ) نثني عليه . ثم ننتقل للسؤال التالي مثل ولعبت مع من في المدرسة ؟ وهكذا . ولو أجاب إجابة خاطئة ( من المتوقع ذلك بالطبع في البدايات ) فإننا سنعيد الجملة كاملة مرة أخرى ، ونقوم بإفهامه معانيها ، ونعيد طرح الأسئلة مرة أخرى .
ونقوم بهذا النشاط الذهني الهام والسهل بجملة واحدة مرتين يوميا لمدة 3 أيام ( لا نغير الجملة ) . ثم بعد ذلك نكون جملة جديدة ، ونعيد خطوات الطريقة السابقة .
5- وضع قوانين واضحة لابد من اتباعها
من أهم الأمور في العلاج السلوكي وتعديل سلوك مصاب اضطراب فرط الحركة والتشتت (ADHD) هي وضع قوانين واضحة ، يمكن تطبيقها ، ويجب الالتزام بها .
فنقوم كل يوم بوضع قانون مثل ( يجب أن تنتظر دورك ولا تتخطاه ) . ومن الجيد لو رسمنا القانون على شكل صورة ولد ينتظر دوره في الصف ، ونقوم بتعليق الصورة في غرفته .
ومن الممتاز أن نقوم مع باقي أفراد الأسرة بتمثيل هذا القانون . بأن يقف أفراد الأسرة في طابور وهو في وسطه ، وينتظر كل واحد دوره ليأخذ شيئا . ونقوم بتذكيره بهذا القانون مرتين يوميا ، حتى نتأكد من أنه قد استوعبه جيدا .
ولو نفذه نمدحه . ولو لم ينفذه نعيد عليه صياغة القانون ، ونذكره به حتى يلتزم به مرة أخرى . ثم بعد ذلك ننشئ قانونا جديدا بنفس الأسلوب . فنجد أنفسنا بعد شهر مثلا قد وضعنا حوالي 10 قوانين أساسية بيننا ، وهذا أمر جيد .
5- خارج المنزل
أيضا من المهم أن نقوم بتدريب الطفل على الإلتزام خارج المنزل . وكبح جماح فرط الحركة والإندفاعية لديه . وهذا يحدث بواسطة وضع قوانين واضحة ، يجب الإلتزام بها .
فمثلا سنحدد مكانا معينا ، وليكن المطعم . ونضع له ثلاثة قوانين ( أن نجلس على الكرسي – أن نقف بجوار والدينا – أن نأكل ونشرب بأدب وهدوء ) . ونتأكد أن الطفل قد فهمها واستوعبها بشكل جيد .
وقبل الذهاب إلى المطعم بخمسة أيام مثلا نعيد على الطفل هذه القوانين ، ونذكره بها يوميا . ونطلب منه أن يذكرها لنا . ويفضل أن نقوم بذلك مرتين فقط في اليوم ، صباحا ومساء ( فالتكرار الكثير يصيب هذا الطفل بالإرتباك ، وأحيانا الغضب والملل ، فهم بطبعهم ملولين ) وحبذا لو قمنا بالتمثيل أمامه أيضا ليفهم ويستوعب بشكل أفضل .
ثم نذهب معه إلى المطعم ، فلو قام بتطبيق القوانين نثني عليه ونمدحه . أما لو لم ينفذها ، فعلينا أن نذكره بها بشكل حازم و قاطع ( الحزم الحاني ) ، ونقوم بإفهامه أنه لو لم يلتزم فلن نستطيع الذهاب مرة أخرى للمطعم .
وهكذا يتم وضع سياسة و قوانين لكل الأماكن خارج المنزل . وكل قانون لكل مكان يجب أن نقوم بتطبيقه لمدة من أسبوع لأسبوعين . المهم أن نتأكد أن هذا الطفل قد استوعب الأمر جيدا ، ثم بعد ذلك ننتقل للقانون التالي .
ففي خلال بضعة أشهر ، سنجد أنفسنا قد استطعنا أن نضبط سلوك الطفل خارج المنزل في كل الأماكن ، وذلك بمجهود بسيط ولكن متواصل .
6- كيف أطلب ما أريده ؟
أحد المشاكل مع هؤلاء الأطفال ، هي عدم قدرتهم على التعبير المناسب في الموقف المناسب . ومن بينها طريقتهم في طلب ما يريدونه .
فيجب أن ندربهم على السلوك الصحيح لطلب الأشياء . وهو أن يقوموا بالطلب بشكل مباشر وإيجابي ، بلا عدوانية أو سلبية كما سنوضح الآن .
فالطلب له ثلاثة صور . وسنبينها من خلال مثال أن الطفل رأى مجموعة من الأطفال يرسمون ، فعندما يذهب اليهم ليطلب الإنضمام معهم في الرسم ، ستكون هناك ثلاثة صور للطلب هي :-
1- الطلب بشكل (عدائي) . مثل أن يذهب إليهم ويقول ( رسمكم ليس جميلا ، ولابد من أن أرسم معكم ) فهذا أسلوب عدائي هجومي .
2- الطلب بشكل (سلبي) . مثل أن يذهب لهم ويقول (هل من الممكن إذا سمحتم أن أرسم معكم ؟ ) فهذا أسلوب إنهزامي وسلبي .
3- الطلب بشكل (إيجابي) . مثل أن يذهب الطفل إليهم ويقول ( رسمكم جميل ، وأريد أن أشارككم الرسم ) فهذا هو الأسلوب الذي سندربه عليه . فهذا الأسلوب مع الوقت يعطي للطفل قوة في شخصيته ، بحيث يكون جريئا عند طلبه ، وبدون أن يفرض نفسه .
ولا ننسى أن التدريب في المنزل بالتمثيل يزيد من قدرة إستيعاب الطفل بشكل أكبر و أسرع .
7- ألعاب لعلاج فرط الحركة و تشتت الانتبه
هناك بعض الألعاب التي تزيد من إنتباه الطفل ، وأهمها هي لعبة البازل (Puzzel) . فهي شيقة ، وتثير فضول الطفل لحلها ليرى ماهي الصورة التي ستظهر له . كما أنها بشكل لا إرادي تدفع الطفل للجلوس أطول فترة ممكنة .
كما أنه سيتعلم أن ينظم ترتيب القطع بشكل صحيح ومرتب ، فيقل عنده الإندفاع والتهور . لأنه يعلم إذا تعجل و وضع القطعة في مكان خاطئ فلن يحصل على صورة صحيحة . وبالتالي سيفكر أولا قبل أن ينفذ .
وبالتالي سنجد أن هذه اللعبة تعمل على علاج المشاكل الثلاثة التي يعاني منها الطفل المصاب بهذا الإضطراب (فرط الحركة) ، (الإندفاعية) ، (التشتت) .
أيضا من الممكن أن نخترع أي طريقة لعب تخطر على بالنا . ومن أفضل طرق اللعب هي أن نقوم بتشكيل مجموعة ، يكون هو من ضمنها . وندعهم يتحركون في المكان بعشوائية ، ثم عند إعطاء إشارة متفق عليها مسبقا يقفون كلهم بلا حراك كأنهم تماثيل . والذي يتحرك منهم بعد الإشارة يكون خاسرا .
ونجعلهم يقفون في البداية مثلا 10 ثواني ، ثم مع الوقت نزيد مدة الوقوف تدريجيا . فهذا التدريب الذي على شكل لعبة ، يعلمه التحكم في نشاطه البدني ، وكيف يسيطر على نفسه . ويزيد من تركيزه ، لأنه سينتبه ليسمع إشارة التوقف .
ومن المهم أن يخرج الطفل على الأقل مرتين أسبوعيا للتنزه في الحدائق و أماكن الألعاب ، وذلك ليفرغ الطاقة الزائدة التي بداخله .
8- كيف أذاكر دروسي ؟
يجب أن نعلم أن الطفل الطبيعي أساسا يكون صعبا ومتعبا في المذاكرة ، فمابلك بطفل يعاني من فرط الحركة و نقص في الإنتباه ؟ وكماذكرنا سابقا ، هو ليس له أدنى ذنب في ذلك . فكل هذا خارج عن إرادته .
لذا فلابد من اتباع طرق معينة معه في المذاكرة . من أهما أن نكون صبورين لأبعد حد ، ولو أحسسنا أننا لسنا في مزاج جيد ، أو أننا بدأنا بالإنفعال ، فيجب فورا أن نوقف الحصة التعليمية . فضررها النفسي سيكون أكبر من نفعها ، سواء على الطفل أو الأبوين .
ومن المهم أن نوفر له المكان المناسب للمذاكرة ، بحيث يكون المقعد مريحا ، و الإضائة جيدة . و أن لا يكون هناك أي شئ يلهيه أو يشتت تركيزه ، مثل أن تكون فوقه لعبة معلقة في سقف الغرفة تتحرك ، أو التلفاز .
ويجب أن نختار الأوقات المناسبة للمذاكرة . بحيث لايكون الطفل جائعا ، أو يريد أن ينام ، ولو كان يتناول الأدوية التي تقلل من نشاطه البدني أو الذهني ، فيفضل أن يكون قد تناولها على الأقل من أربع ساعات .
ومن المهم أن نقوم بتقسيم وقت المذاكرة له على أقسام ، كأن نذاكر معه لربع ساعة ، ثم نعطيه راحة ليتحرك خمس دقائق . فهو بطبعه يمل سريعا ، ولا يستطيع أن يجلس في مكان واحد لمدة طويلة .
ومع الوقت من الممكن أن نزيد الربع ساعة لثلث ساعة وهكذا ، فنزيد الوقت تدريجيا على فترات متباعدة ، حتى يتعود على الجلوس لفترات أطول ليؤدي واجباته و يتعلم .
نصيحة أخيره في علاج فرط الحركة و تشتت الإنتباه
يجب أن نعلم أن هذا الإضطراب ليس صعبا في التعامل معه على الإطلاق . ومع الوقت ومع إتباع الخطوات السابقة ، يتحسن الطفل بشكل جيد وملحوظ يوما بعد يوم .
وأكرر أن أهم شئ هو التحلي بالصبر. فنحن نقوم بعمل رائع و كبير ، وهو بناء شخصية طفل . فهذا الطفل لو أهملناه وعاملناه بقسوة ، فسيتحول هذا الإضطراب البسيط لديه لأمراض نفسية و اكتئاب . وقد يصبح هذا الطفل عدوانيا جدا ، ويكبر ولديه مشاكل نفسية ستؤثر عليه وعلى كل من حوله .
أما سؤال متى يزول اضطراب فرط الحركة ؟ فالجيد في هذا الاضطراب أن كثيرا من الأطفال يتخلص منه تماما في فترة البلوغ . وحتى الذين يستمر معهم بعد فترة البلوغ فإن أعراضه ستكون طفيفة للغاية ، ويمكنهم السيطرة عليها بشك أسهل .
أيضا من النصائح الهامة التقليل من السكريات والحلويات بقدر الإمكان ، لما لها من تأثير سيئ في زيادة فرط الحركة . بل نعطيها له مثلا مرة واحدة في اليوم ، وبكميات قليلة ، وتكون على شكل مكافآت .
أيضا التلفاز والألعاب الإلكترونية لها تأثير ضار . فالتلفاز يجب أن لا تزيد فترة جلوس الطفل الذي بعمر4 سنوات أو أكبر أمامه أكثر من ساعتين في اليوم . ولا ننصح أبدا بالألعاب الإلكترونية التي بها عنف ، فهي تزيد من عنف و فرط الحركة .