مقدمة
الميلاتونين ( Melatonin ) يسمى بهرمون النوم ، وهو أحد هرمونات السعادة . وهو هرمون هام جدا لتنظيم ساعات النوم و الساعة البيولوجية ( Circadian rhythm ) للإنسان . وهو هام لإدخال الشخص في بداية النوم بشكل الطبيعي .
ويعاني حوالي 30% من سكان العالم في أي وقت من الأوقات من مشكلة الأرق ، وتعاني السيدات منه بشكل أكثر من الرجال .
والأرق ( insomnia ) هو صعوبة في النوم ، أو صعوبة في مواصلة النوم بشكل طبيعي . وله ثلاثة أنواع الحاد و المزمن و العابر . وله أسباب عديدة ، أهمها إختلاف مواعيد العمل ، وأيضا الإجهاد النفسي أو البدني الشديد ، وآلام الجسم ، ومشاكل الإضطرابات النفسية كالتوتر الشديد و الاكتئاب و القلق .
وقد يترتب على الأرق المزمن مشاكل عديدة ، وقد تكون خطيرة في بعض الأحيان . منها صعوبة التركيز والنسيان السريع ، وردة الفعل العنيفة والزائدة عن الحد والمبالغ فيها .
أيضا عدم القدرة على القيام بالمهام المطلوبة المعتادة ، والشعور بالتعب و الإرهاق الحاد ، الإكتئاب و التوتر ، والنوم أثناء القيادة أو أثناء القيام بمهام خطيرة تستدعي اليقظة و الإنتباه .
أيضا قلة النوم بشكل مستمر ومزمن قد تؤدي للإصابة بأمراض مزمنة ، مثل مرض السكر والضغط المرتفع .
وقد يلجأ بعض الأشخاص لعلاج حالة الأرق باستعمال أدوية نفسية ، أو مهدئات قوية . قد تعمل في البداية على علاج الأرق بنجاح وإدخالهم في نوم عميق . لكن مع الوقت قد تؤدي للإدمان وأضرار خطيرة على الصحة النفسية و الجسدية .
ومن حسن الحظ أن هناك طرقا طبيعية تعالج حالة الأرق بفعالية وأمان . وقد ذكرنا سابقا أعشاب طبية تعمل على علاج الأرق مثل حشيشة الهر ( الفاليريان ) ، وعشبة القديسين .
وفي هذه المقالة العلمية سنتعرف على علاج هرموني طبيعي ، يعالج حالات الأرق بشكل فعال و آمن ، طالما إلتزمنا بالجرعات و المدة الزمنية المطلوبة . كما سنتعرف على فوائده الأخرى الهامة ، و جرعاته المختلفة ، وطرق تناوله .
وماهي درجة أمانه ؟ وأيضا ماهي التداخلات الدوائية الخاصة به ؟ كما سنتعرض لبعض المعلومات الشيقة المفيدة والمثيرة في هذا الموضوع الهام داخل هذه المقالة . فهيا بنا …
ما هو هذا الهرمون ؟ وكيف يتم إنتاج هرمون الميلاتونين ؟
هذا الهرمون يعتبر أحد هرمونات تنظيم حياة الإنسان بشكل عام . وهو أحد هرمونات السعادة والراحة . فمستوياته في الدم تتحكم في معدل نشاط الجسم ، فمن الممكن أن نعتبره زر التشغيل والإطفاء لنشاط جسم الإنسان . فعند تحفيزه يعمل على تهدئة نشاط خلايا الجسم بشكل كامل إستعدادا للراحة والخلود إلى النوم .
أما عند تثبيطه فإن خلايا الجسم تنشط بشكل سريع ، وتزداد حالة الشعور باليقظة والإنتباه . فنقص مستويات هرمون الميلاتونين في الدم تعتبر شرارة إشعال نشاط الجسم ، وإستعداده لمواجهة أعماله وتأدية مهامه اليومية . فهذا الهرمون هو المايسترو أو منظم الإيقاع الحيوي لخلايا الجسم .
ويتم إفراز هذا الهرمون الهام جدا بشكل طبيعي من الغدة الصنوبرية Pineal gland الموجودة في الدماغ . ولهذا الهرمون مستقبلات في كل خلايا الجسم . حيث أن له فوائد ومهام كثيرة بخلاف تنظيم النوم والنشاط كما سنعرف لاحقا .
وهذا الهرمون موجود في الإنسان والحيوان والحشرات وفي النبات أيضا . والمفاجأة أنه يتواجد في القهوة والشاي بتركيزات مرتفعة نسبيا !
ولكن كيف ذلك وهو مسؤول عن تحفيز النوم والقهوة و الشاي كغيرها من المنبهات تعمل على تنشيط الجسم وتؤدي للأرق ؟
والإجابة أن هذه المنبهات تحتوي أيضا على منبه الكافيين ، وتأثير الكافيين في التنشيط يطغى بشكل كامل على تأثير الميلاتونين .
ومن المفيد أن نعرف أن هذا الهرمون لا يقوم الجسم بإنتاجه بشكل مؤثر وفعال إلا بعد أن يكمل الطفل أربعة شهور بعد الولادة . لذلك نجد أن أول أربعة شهور من عمر الطفل تكون صعبة على الوالدين بسبب عدم إنتظام نوم الطفل . ثم تتحسن الأمور بعد ذلك بشكل ملحوظ .
كيف يتم تحفيز هرمون الميلاتونين ؟
أكثر ما يحفز إنتاج الميلاتونين هو الظلام . وكلما زاد الظلام وزادت العتمة كلما زاد تحفيز بناء وإفراز هذا الهرمون . فعندما يحل الظلام ويخفت الضوء فإن الألياف البصرية في العين تعطي إشارات للغدة الصنوبرية بإفراز هرمون الميلاتونين .
وعند إفرازه في الدم يعمل هذا الهرمون على إبطاء كافة العمليات الحيوية وتهدئة الجسم ، وكأنه يدعو خلايا الجسم للراحة وتقليل الجهد . وأن وقت الخلود للنوم والذهاب للسرير قد حان . فهذا الهرمون للخلايا كأنه الأغنية التي تغنيها الأم لطفلها ليخلد إلى النوم .
وكلما كان الظلام دامسا كلما تم إنتاج هذا الهرمون بكفاءة ، وسيرتفع مستواه في الدم ، ويقل مستوى هرمون الدوبامين ( هرمون اليقظة والنشاط ) ، كما أنه يعمل على تهدئة خلايا الدماغ والجهاز العصبي عموما . بالتالي سرعة الدخول في مراحل النوم ، والتمتع بنوم متواصل وعميق .
أما الإضاءة فمهما كانت خافتة أو ضعيفة فإنها تؤثر على إنتاج هذا الهرمون ، وتقلل من مستوياته في الدم . لذلك فإن أحد أكثر مشاكل الحياة الحديثة هي قلة النوم أو صعوبة الدخول في النوم ، والأرق المزمن .
وذلك بسبب أن كثيرا من الناس يشاهدون الشاشات سواء التلفاز أو الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة قبل النوم مباشرة . وهذه الشاشات بما تبعثه من إضاءة ( خاصة الضوء الأزرق ) تعمل على منع تحفيز هذا الهرمون .
كما أن هذه الشاشات تعمل على إيقاظ وتنبيه خلايا الدماغ ، خاصة لو أنك تشاهد محتوى مثير ، كأفلام الأكشن أو ألعاب الفيديو القتالية السريعة ، فكل هذا يؤدي في النهاية إلى الأرق ، وصعوبة الدخول في النوم بشكل طبيعي .
وعند شروق الشمس ، وبداية إنحسار الظلام ، تنحسر معه مستويات هذا الهرمون في الدم . وهذا بالنسبة للخلايا كالمنبه الذي يدق جرسه لإيقاظك من النوم . حيث تعتبر خلاياك أن هذا إشارة بأن وقت الراحة قد إنتهى ، وأن وقت الإستيقاظ والإنتباه والنشاط قد بدأ .
فوائد الميلاتونين و استعمالاته الطبية
وظائف هرمون الميلاتونين الفسيولوجية هامة وكثيرة ، وله إستخدامات و فوائد عديدة . لكن بالطبع لا أنصح بتناول هذا الهرمون إلا في حالة الإحتياج له .
فعلى الرغم من أنه هرمون طبيعي يتم إنتاجه في الجسم بشكل يومي ، إلا أن الإستخدام الخاطئ له قد يؤدي لحدوث مشاكل صحية كما سنعرف لاحقا . أما أشهر إستخدامات هذا الهرمون المثبتة طبيا فهي :-
1- لعلاج الأرق و صعوبة النوم
الميلاتونين للأرق وعلاج إضطرابات النوم ( insomnia ) هو أهم إستخدام طبي له . فكثير من الناس يعانون من عدم القدرة على الدخول في النوم ،
ويظلون يتقلبون في الفراش يمينا ويسارا بحثا عن النوم ، لكن قد تكون الأمور بالغة الصعوبة حقا . لذا هو يعطى لمن لديه صعوبة حقيقية في أن يبدأ النوم ( فهو يقلل الوقت الذي تستغرقه للنوم ) .
( أما من لا يستطيع أن ينام من الأساس بحيث حتى لو نام فإنه يستيقظ بعد فترة قصيرة ، ونومه متقطع بحيث لا يكمل ساعتين أو ثلاث ساعات متواصلة ، فهؤلاء قد تكون لديهم مشاكل واضطرابات نفسية تستدعي المراجعة الطبية ) .
وأكثر الناس تعرضا لهذا هم من يمارسون المهن المتقلبة في أوقات العمل . فتارة يطلب منهم العمل ليلا وتارة نهارا . لذا فإن تناول الميلاتونين لضبط الساعة البيولوجية للنوم لديهم قد يكون هاما ، وإلا ستقل إنتاجيتهم وسيعانون من مشاكل الأرق وقلة النوم التي ذكرناها بالأعلى .
وتوجد في الصيدليات أشكال صيدلانية مختلفة ، منها الأقراص العادية ، وهناك الأقراص الممتدة المفعول ( حيث أن الجسم يقوم بتكسير هذا الهرمون في فترة ساعة أو أقل بعد تناوله ، لذا تم عمل مستحضر منه على شكل ممتد المفعول ، حيث يتم امتصاصه بشكل تدريجي ، مما يحسن من عملية استمرار النوم بشكل متواصل وعميق ) .
كما يتواجد هذا الهرمون أيضا على شكل لصقات توضع على الجلد ، وهي أيضا تكون ممتدة المفعول ، وهي تعمل أيضا على مساعدة الجسم على النوم بعمق . وهذه الصورة الصيدلانية هي الأفضل والأكثر أمانا ، لكن سعرها قد يكون مرتفعا قليلا . وسنعرف الجرعات المطلوبة في قسم الجرعات لاحقا .
2- مضاد قوي للأكسدة
يعتبر هرمون الميلاتونين أحد أقوى مضادات الأكسدة المعروفة . فيكفي أن تعلم أن قدرته على منع الإجهاد التأكسدي ، وعلى محاربة الجذور الحرة الضارة ( Free Radicals ) تتفوق على قدرة فيتامين سي وفيتامين هاء ( Vitamin E ) بأضعاف مضاعفة .
ومن المعروف أن الجذور الحرة تعمل على إتلاف الخلية ، وهي سبب الأمراض . وهي سبب رئيسي لحدوث السرطان بشتى أشكاله . كما أن الجذور الحرة هي أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالشيخوخة وعلامات التقدم في السن ، والأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر .
لذا فالميلاتونين يعمل على إكتساح وتدمير هذه الجذور الضارة ، ويعمل على إتلافها بشكل نهائي وسريع وفعال . وهو بهذا يعتبر أحد وسائل تقوية جهاز المناعة ، وجعله باستمرار نشيطا ومتأهبا .
كما أنه يعمل كمضاد للإلتهابات ، وذلك من خلال منع إنتاج المركبات التي تعمل على حدوث الالتهابات ، كمركبات البروستاجلاندين الخاصة بالإتهابات .
3- لتقليل الأعراض الإنسحابيه المصاحبة للإقلاع عن التدخين
ماهي علاقة ترك التدخين والنوم ؟ أو انسحاب النيكوتين والنوم ؟ فمن المعروف أنه لو كنت مدخنا وقررت أن تترك التدخين فإنك ستواجه أعراض إنسحاب النيكوتين ( Nicotine withdrawal symptoms ) ، والتي غالبا ترتبط بتغيرات حادة في المزاج وفي الأداء الذهني و البدني .
وتختلف أعراض الانسحاب من شخص لآخر . لكن أشهرها هي الشعور بالصداع ، توتر ، قلق ، إكتئاب ، عصبية زائدة ، رعشة في الأطراف وفي رمش العين ، وطبعا الأرق وعدم القدرة على النوم بشكل متواصل طبيعي . وقد تؤدي هذه الأعراض للإنتكاس والعودة مرة أخرى للتدخين .
وقد أثبتت التجارب والأبحاث فعالية ونجاح تناول هرمون الميلاتونين في التغلب على الأرق وصعوبة النوم لدى تاركي التدخين . وليس هذا فحسب ، بل إن هذا الهرمون قد قام بشكل فعال بتقليل الأعراض الإنسحابية الأخرى التي ذكرناها بالأعلى .
وبالطبع كان لذلك بالغ الأثر في أن ينجح الشخص الذي يريد أن يقلع عن التدخين . وأن تزيد فرصة نجاحه في الإقلاع عن السجائر ، وتقليل فرص العودة إليها مرة أخرى . وسنذكر الجرعة الخاصة بذلك في قسم الجرعات لاحقا .
4- في علاج الأرق و الأعراض الإنسحابية للأدوية النفسية و المهدئة
يستخدم هرمون الميلاتونين بنجاح في التغلب على الأرق ومشاكل النوم المصاحبة للتوقف عن تناول الأدوية النفسية والأدوية المهدئة والمنومة . فهذه الأدوية عند تركها تؤدي لحدوث أعراض إنسحابيه قد تكون في تأثيرها شديدة وغير محتملة لبعض الأشخاص .
ومن هذه الآثار الإنسحابية لهذه العلاجات القلق ، التوتر الشديد ، والاكتئاب ، أيضا قلة النوم وعدم القدرة على مواصلة النوم بشكل طبيعي هو أحد الأعراض الشهيرة والواضحة في هذه الحالات .
وهنا يكون تناول هذا الهرمون الطبيعي ذو فائدة جيدة للمريض . حيث أنه يعمل على ضبط ساعات النوم لدى المريض ، كما يعمل على إدخاله في نوم عميق ، وهذا له أثر بالغ في تحسين المزاج ، وتقليل التوتر بشكل كبير . لكن يلزم الإلتزام بالجرعة المحددة كما سنذكر في قسم الجرعات بعد قليل .
5- الميلاتونين و مرض السرطان
كما ذكرنا بالأعلى أن هذا الهرمون يعتبر من أقوى مضادات الأكسدة المعروفة حاليا . وبالتالي له دور كبير في القضاء على الجذور الحرة التي تسبب موت وتلف الخلايا وتحولها لخلايا سرطانية .
كما أن هذا الهرمون يعمل على تنشيط الجهاز المناعي وذلك بشكل مباشر ، أو بطريقة غير مباشرة من خلال ضبط ساعات النوم ، وهذا له دور مهم في زيادة مناعة الجسم .
ويكفي أن نعلم أنه في دراسات حديثة أن النساء اللواتي لا يحصلن على قدر كافي من النوم يوميا ، ويعانين من نقص هرمون الميلاتونين ، تكون معدلات وفرص إصابتهن بسرطان الثدي مرتفعة .
وفي المختبرات تم التأكيد ومن خلال التجارب المخبرية بأن هذا الهرمون يعمل على تثبيط نشاط الخلايا السرطانية . ويعمل على تقليل إنتشارها . كما يعمل على توجيه وتحفيز خلايا الدم البيضاء WBCs لمحاربتها والتعرف عليها وقتلها .
أيضا للميلاتونين دور هام في علاج حالات الأرق و صعوبات النوم البالغة التي تصاحب مرضى السرطان . وميزته أنه لا يتداخل مع أدوية السرطان بأي شكل من الأشكال . وله جرعة خاصة في هذه الحالات المرضية سنعرفها لاحقا .
6- الصداع النصفي أو الشقيقة ( Migraine )
الميلاتونين لعلاج الصداع النصفي هو أحد أحدث إستخدامات هذا الهرمون لعلاج هذا المرض . حيث أنه تمت ملاحظة أن المصابون بالشقيقة أو الصداع النصفي لديهم مستويات منخفضة من هذا الهرمون بشكل واضح .
والصداع النصفي هو حالة مرضية عصبية ، يحدث فيها إختلال في الأوعية الدموية في الدماغ ، مع إختلاف في كيمياء المخ ، يؤدي لحدوث أعراض غير طبيعية ومؤلمة جدا .
فألم صداع الشقيقة ليس كألم الصداع العادي أبدا ، بل هو أكثر شدة وألما بكثير . كما يصاحبه أعراض أخرى كالشعور بالغثيان والإستفراغ ، اضطرابات في النظر والسمع وفي حاسة التذوق ، أيضا توتر وعصبية وعدم إتزان . وقد تستمر نوبة الشقيقة من ساعتين حتى ثلاثة أيام . وتلعب الوراثة عاملا هاما في الإصابة به .
ومع التجارب و الأبحاث ، وجد أن تناول جرعة معينة من هذا الهرمون قبل الذهاب إلى النوم بساعة قد أدى إلى هذه النتائج مع أكثر من 60% ممن أجريت عليهم التجارب :-
1- مع 30% من الأشخاص إختفى الصداع النصفي لديهم بشكل تدريجي . والمدهش والرائع أنه وبعد عدة أشهر لم يصابوا بأي من نوبات الشقيقة .
2- تقليل عدد نوبات الصداع النصفي بشكل ملحوظ . فلو كانت تأتيك مثلا نوبتين أو ثلاثة كل شهر ، فبعد تناولك للميلاتونين فإن عدد النوبات سينخفض إلى نوبة واحدة فقط مثلا .
3- تقليل وتيرة حدوث الصداع النصفي . فلو كانت نوبة الشقيقة تأتيك مثلا مرة كل شهر ، فإنه مع تناول هذا الهرمون فإن النوبة قد تأتيك بعد أربعة أو ستة شهور على سبيل المثال .
7- للعين
نظرا لأنه مضاد قوي للأكسدة كما ذكرنا من قبل ، فإن الميلاتونين فوائده للعين لا شك فيها . فهو يعمل على منع تلف خلايا العين وخاصة خلايا الشبكية . وبالتالي يقلل من فرص إصابة العين بالأمراض كمرض التنكس البقعي المرتبط بالتقدم في العمر ، ومرض الجلوكوما ، وغيرها من الأمراض .
كما أنه يحمي من جفاف العين من خلال حمايته لخلايا القرنية السطحية . ومن الجدير بالذكر أن قوة الميلاتونين كمضاد للأكسدة تتفوق على مادة اللوتين الشهيرة ( Lutein ) التي تستخدم أيضا لحماية خلايا العيون من الإجهاد التأكسدي .
8- إستعمالات و فوائد أخرى
1- في طنين الأذن و الدوار . حيث بينت التجارب والأبحاث أنه يفيد في تحسين أعراض الطنين ، لكن ليس بقوة و فعالية الجنكو بيلوبا .
2- في قرحة المعدة حيث لوحظ أنه يزيد من فعالية الأدوية التي تستخدم لعلاج قرحة وزيادة حموضة المعدة . كدواء أوميبرازول ، ودواء بانتوبرازول والتي تستخدم لعلاج إلتهاب المعدة .
3- مع مرض الشلل الرعاش ( مرض باركنسون ) حيث أنه يقلل من شدة الحركات اللاإرادية المصاحبة لهذا المرض .
4- له مهام و فوائد أخرى بخلاف النوم . فهو مهم لضبط مستوى ضغط الدم ، وضبط مستوى الإنسولين والكورتيزون في الدم .
الميلاتونين و الإكتئاب و الأمراض النفسية و العصبية
هل الميلاتونين علاج نفسي ؟ وهل هناك علاقة بين الميلاتونين والاكتئاب ؟ هل يعالج الميلاتونين التوتر والإكتئاب ؟ هل هناك علاقة بين الميلاتونين و الأعصاب ؟ كل هذه الأسئلة تدور في ذهن الكثير من الناس بعد أن يعرفوا فوائد الميلاتونين .
لكن الإجابة هي أن الميلاتونين لا يعد دواء نفسيا . ولا يعالج التوتر أو الإكتئاب أو الأمراض النفسية أو الذهانية . لكن له دور جيد في تحسين مراحل النوم لدى الأشخاص المصابون بالأمراض النفسية حيث أنهم يجدون صعوبة في الخلود إلى النوم ، وأيضا صعوبة في الحصول على نوم عميق ومستمر .
وهذا الأرق وصعوبة النوم يؤدي إلى تفاقم توترهم وشعورهم بالإكتئاب ، كما أن إندفاعيتهم وعدوانيتهم ستزيد أيضا . لذا فعند تناولهم هذا الهرمون لتحسين قدرتهم على الذهاب إلى النوم ، وتحسين نوعية النوم لديهم ، وللتخلص من الأرق ، فإن ذلك سيؤدي لنتائج إيجابية جدا .
كما أن للميلاتونين تأثيرا جيدا على ضبط وإعادة توازن كيمياء المخ ، وخاصة هرمون السيروتونين والدوبامين . وذلك من خلال ضبط ساعات النوم مما يعطي للدماغ والجهاز العصبي الفرصة لضبط مستويات هذه الناقلات العصبية الهامة والمؤثرة في الحالة المزاجية والنفسية للمريض .
الميلاتونين و الأطفال
هل الميلاتونين آمن للأطفال ؟ وهل يمكن أن أعطي طفلي الميلاتونين على شكل مكملات ؟ هل هناك ضرر على الطفل عند إعطائه الميلاتونين على شكل مكمل ؟
وللإجابة على هذه الأسئلة فيجب أن نعلم بأنه وعلى الرغم من أن الميلاتونين آمن للبالغين إلا أنه لم تجرى بعد دراسات كافية على الأطفال دون سن الثامنة عشر . لذا لا يلجأ إليه الأطباء لمن هم دون سن البلوغ خوفا من أن يؤثر ذلك على هرمونات الجسم فيؤثر على نموهم أو بلوغهم .
لكن هناك إستخدام شهير مصرح به ( لكن تحت الملاحظة الطبية الدقيقة ) وهو إعطاؤه للأطفال اللذين لديهم فرط في الحركة وتشتت الإنتباه ( ADHD ) .
فهؤلاء الأطفال يعانون من صعوبة بالغة في النوم ، كما أن نومهم متقطع بشكل كبير . ولا يحصلون على القدر الكافي من النوم . ولهذا بالطبع بالغ الأثر في زيادة مشاكلهم النفسية والجسدية ، كما أن لذلك تأثيرا سيئا على الأبوين والمحيطين بهم .
لذا يلجأ الطبيب المختص لوصف الميلاتونين لهم حتى يساعدهم على النوم بشكل أسرع ، ولكي يناموا بشكل أعمق وأطول . وهذا يحسن من تركيزهم ، ويقلل من فرط الحركة لديهم ، ويساعد باقي العلاجات بأن تعطي نتائج أفضل . كما أن نومهم العميق الطبيعي يساعد الأهل والأسرة على الشعور بالراحة والهدوء .
وله آثار طفيفة على الأطفال تزول مع الوقت ، وأشهر الآثار الجانبية هي التبول اللاإرادي ( بسبب النوم العميق ) ، دوخة ، صداع ، ترنح عند الإستيقاظ من النوم .
كيفية تحفيز هرمون الميلاتونين بشكل طبيعي
هذا الهرمون يسمى هرمون الظلام ، وذلك لأن الظلام هو أهم حافز لإنتاجه و إفرازه بشكل طبيعي . وتبلغ ذروة إنتاجه بين الساعة الثالثة و الرابعة صباحا ( أكثر أوقات الليل ظلاما ) ويبدأ النقص في تركيزه في الدم بشكل سريع مع بداية الشروق وظهور الضوء .
لذا يتضح أن أهم محفز للميلاتونين هو الظلام . وكلما كان الظلام دامس ومعتم كلما زاد إنتاج هذا الهرمون . لذا ينصح أن تكون غرفة النوم شديدة الظلام ، ولا توجد بها أي مصادر للإضاءة حتى لو كانت ضعيفة أو باهته . فحتى هذه الإضاءة الضعيفة تعمل على تقليل إفراز هذا الهرمون .
كما أن للميلاتونين دور مهم في إنتاج هرمون النمو للأطفال ، لذا يجب أن ينام الأطفال في غرفة مظلمة ، وأن نحرص على ان يناموا عدد الساعات التي تتناسب مع أعمارهم . وذلك حتى يتمتعوا بنمو ذهني وبدني ونفسي جيد وصحي .
وينصح دائما بارتداء قناع النوم الذي يغطي منطقة العينين ( كما يظهر في صورة المقالة الرئيسية ) فهذا الماسك يعمل على إحكام غلق المنطقة حول العين ويمنع تسلل الإضاءة إليها .
لكن يجب أن لا نكتفي به بل أيضا نطفئ الأنوار حولنا للتأكد من أننا ننام في ظلام حقيقي ، ليتم إنتاج الميلاتونين بشكل صحيح ، وننعم بنوم هادئ عميق وصحي .
ومن المهم جدا أن نعلم بأن من أكثر الأمور في العصر الحديث والتي أدت إلى مشاكل الأرق وصعوبة النوم ، وإلى زيادة حالات اضطرابات النوم وما يتبعها من إرهاق عند الإستيقاظ ، وعدم التركيز وزيادة النسيان أثناء اليوم هو مشاهدة الشاشات قبل النوم .
فالضوء الأزرق الذي ينبعث من شاشات الأجهزة ( الهواتف المحمولة ، اللابتوب ، أو الكمبيوتر ، أو التلفاز وغيرها ) يعمل على تراجع مستوى هذا الهرمون بشكل قوي وسريع . ويمنع الغدة الصنوبرية من إفرازه . لذا يجب الإبتعاد عن الشاشات قبل الذهاب إلى النوم بساعة ونصف على الأقل .
ماهي مصادر هرمون الميلاتونين الطبيعية
بالطبع زيادة إنتاج هذا الهرمون بطريقة طبيعية أفضل كثيرا من تناوله على هيئة مكملات . خاصة لو أن الحالة ليست صعبة ولا تحتاج جرعات عالية من هذا الهرمون . أما أهم الأطعمة و الأشربة التي تزيد من هرمون الميلاتونين بشكل طبيعي فهي :-
1- الكرز ( cherry ) . وهوأكثر فاكهة غنية بمادة الميلاتونين . بل هو المصدر الطبيعي الوحيد الذي يحتوي على الميلاتونين بشكل مباشر . كما أنه يحتوي على التربتوفان ، وهو حمض أميني يتحول بيولوجيا في الجسم لهرمون الميلاتونين .
لذا وبسبب إحتواء الكرز على كمية كبيرة من الميلاتونين والتربتوفان ، فإن تناول كوبين (300) مللي من عصيره لمدة عشرة أيام متتالية يؤدي للتقليل من الأرق ، ويحفز النوم الطبيعي والعميق بشكل واضح .
2- الحليب . حيث أنه يحتوي على نسبة عالية من التربتوفان الذي يتحول إلى ميلاتونين . لذا فإن شرب كوب من الحليب الدافئ المحلى بالعسل قبل النوم هو بالفعل مهدئ طبيعي . فالحليب يحتوي على التربتوفان ، أما الكربوهيدرات التي في العسل فتساعد على امتصاصه .
3- الموز . فهو يحتوي على التربتوفان بتركيز عالي ، كما أنه يحتوي على فيتامين B6 والمغنيسيوم اللذان يساعدان على تحويله إلى ميلاتونين .
4- أيضا الجوز ، اللوز ، والفستق . فهم يحتوون على نسبة عالية من المغنيسيوم الذي يعمل على استرخاء الجهاز العصبي والعضلي ، كما أنه يعمل على زيادة إنتاج هرمون الميلاتونين من خلال زيادة كفاءة تحويل التربتوفان للميلاتونين .
5- البيض . يعتبر أحد أكثر المنتجات الحيوانية ذات القيمة الغذائية العالية التي تحتوي على نسبة مرتفعة من التربتوفان ، كما يحتوي على فيتامين B6 و المغنيسيوم اللذان يقومان بتحويله للميلاتونين .
6- الكاكاو و الشوكولاتة الداكنة يحتويان على كمية وفيرة من التربتوفان .
جرعة الميلاتونين
1- لتحفيز النوم و علاج الأرق و اضطرابات النوم ، فإن الجرعة تكون من (1) ملجم إلى (5) ملجم . تؤخذ قبل الذهاب إلى النوم بساعة . وبالطبع نبدأ بالجرعة المنخفضة وهي (1) ملجم لأنها فعالة وكافية في معظم الحالات .
ولا يفضل أبدا البدء بالجرعات الأعلى لأن ذلك لن يفيد ، بل من الممكن أن يؤدي إلى مشاكل بعد أن تستيقظ ، أشهرها هي الرغبة في النعاس ، وعدم التركيز . كما أن الجرعات العالية للميلاتونين تؤدي إلى زيادة في هرمون الحليب ( prolactin ) .
2- في حالة الأرق بسبب الأعراض الإنساحبيه للأدوية المنومة والنفسية فإن الجرعة تكون (3) ملجم قبل النوم بساعة .
3- في حالة الأرق الناتج عن ترك السجائر فإن الجرعة تكون من (0.3 إلى 0.5) ملجم لو كان مدخنا بشكل بسيط . أما لو كان المدخن متوسطا فيكفيه (1) ملجم . أما لوكان يدخن بشراهة فالجرعة (2 إلى 3) ملجم قبل النوم بساعة .
4- في حالة الأرق بسبب الأمراض السرطانية فإن الجرعة تكون من (10) إلى (40) ملجم يوميا حسب شدة وصعوبة الحالة . وكما قلنا دائما نبدأ بالجرعة القليلة ، ثم نزيدها كل أسبوع لو اقتضى الأمر ذلك . ( ملحوظة : لا يستخدم الميلاتونين في حالة الإصابة بسرطان الغدد اللمفاوية )
5- في حالات الصداع النصفي فالجرعة اليومية تكون (3) ملجم قبل النوم بساعة .
6- مع مرض باركنسون ( parkinson’s disease ) فالجرعة اليومية هي (10) ملجم مرة يوميا قبل النوم .
الآثار الجانبية و أضرار الميلاتونين
كما وضحنا سابقا بأنه هرمون يصنع بشكل طبيعي في جسم الإنسان ، لكن بالطبع لا يتم تناوله إلا في حالات الاحتياج إليه وقد ذكرناها بالأعلى .
وفي حالة تناوله والإلتزام بالجرعات المحددة بشكل سليم ، فإن هذا الهرمون يكون آمن بشكل كبير ، ولا يسبب أي مشاكل تذكر . وحتى لو أدى تناوله إلى بعض الأعراض السلبية فإنها ستكون بسيطة ومتقبلة ومحتملة بشكل كبير ، وفي الغالب ستختفي خلال أسبوع أو عشرة أيام من بداية تناوله .
أما أشهر الأعراض الجانبية للميلاتونين فهي ، صداع ، ألم بسيط في المعدة ، دوخة وعدم إتزان ، ومن الممكن أن تشعر ببعض النعاس أثناء النهار . ويجب التنبيه على تجنب القيادة أو القيام بأعمال تحتاج إلى إنتباه وتركيز بعد تناول الميلاتونين لفترة (6) ساعات على الأقل .
وكما ذكرنا فإن الآثار الجانبية للميلاتونين بسيطة ، ولا تحدث إلا لأشخاص قليلين . فهناك دراسات بأن أشخاصا تناولوه لمدة أعوام دون أن يتأثروا بشكل سلبي منه .
هل هو آمن للحامل أو المرضع ؟
هل الميلاتونين آمن أثناء الحمل و الرضاعة ؟ وهل للميلاتونين آثار سلبية أو أضرار على الأم الحامل أو على الجنين ؟ أو هل له ضرر على الأم المرضعة أو على الرضيع ؟
من المعروف أن كثيرا من الأمهات الحوامل أو المرضعات يعانين كثيرا من مشاكل واضطرابات النوم و السهر والأرق . وقد تكون الأمور في غاية الصعوبة وتتطلب تدخلا خارجيا . لذا تلجأ الكثير منهن إلى تناول مكملات تساعد على النوم .
ومن المثير للإهتمام أن الميلاتونين يفرز أثناء الحمل من المشيمة بالمشاركة مع الغدة الصنوبرية . فقد بينت الدراسات أن الحامل تحتاج لكميات أكبر منه ، فهو هرمون هام يعمل على منع مشاكل الحمل المختلفة . فهو يمنع حدوث الإجهاض والولادة المبكرة ، ويقلل من فرص تسمم الحمل .
كما أنه يفيد الجنين في ضبط الساعة البيولوجية له . وله دور هام في نمو جهازه العصبي وتطوره بشكل طبيعي . كما أن له دورا هاما في أن ينمو الجنين في الرحم بشكل طبيعي .
لكن ومع هذا فإن تناول جرعة ( 1 إلى 5 ) ملجم من مكمل الميلاتونين يؤدي لزيادة تركيزه في الدم بحوالي 20 ضعفا عن معدله الطبيعي . وعلى الرغم من أنه هرمون يصنع طبيعيا في الجسم ، وعلى الرغم من فوائده التي ذكرناها فإنه لا يفضل تناوله أثناء الحمل .
وذلك لأننا قد ذكرنا بأن المشيمة تفرزه بشكل طبيعي ، ولا يحتاج الجسم لأي زيادة فيه ، لذا يفضل اللجوء لطرق طبيعية أخرى للنوم بعيدا عن هذا الهرمون ، وذلك حتى لا تحدث زيادة كبيرة لمستواه في الدم . خصوصا أن الأبحاث لم تكن كاملة عن مدى سلبيته وتأثيره على الجنين و الأم في حالة إرتفاع تركيزه في الدم بشكل كبير .
أما في حالة الرضاعة الطبيعية ، فإن الميلاتونين يفرز في حليب الأم ، لذا لا يستعمل أثناء الرضاعة حتى لا يسبب مشاكل للطفل الرضيع ، والتي منها النوم الغير طبيعي ، أو مشاكل في الجهاز العصبي لديه .
فالخلاصة : أن الميلاتونين لا يستخدم أثناء الحمل أو أثناء الرضاعة الطبيعية ، لعدم وجود دراسات كافية عليه أثناء الحمل ، ولأنه غير آمن على الطفل الرضيع .
التداخلات الدوائية
1- يعمل على زيادة ضغط الدم في بعض الأحيان ، خاصة في حالة تناوله بجرعات كبيرة لمدة طويلة . لذا يجب متابعة الضغط في حالة تناوله لفترة طويلة .
ملحوظة : هناك مجموعة من أدوية الضغط تسبب الأرق بشكل حاد لبعض الأشخاص ، تسمى بمجموعة حاصرات مستقبلات بيتا Beta Blockers . لذا من الممكن أن نعطيهم الميلاتونين لكن بجرعة قليلة جدا (0.3) ملجم ، مع متابعة ضغط الدم لديهم بشكل مستمر .
2- قد يؤدي الاستخدام المطول له إلى زيادة سيولة الدم . لذا يجب توخي الحذر عند تناوله مع أدوية مسيلات الدم ، كدواء الوارفارين ، الأسبرين ، الكلوبيدوجريل .
3- بالطبع فإن المنشطات مثل القهوة و الشاي تتعارض مع مفعول الميلاتونين . لذا يفصل بين تناول الميلاتونين والقهوة المحتوية على الكافيين بأربع ساعات على الأقل . وبينه وبين الشاي بساعتين على الأقل .