مقدمة
الجلوتاثيون ( Glutathione ) هو أحد أهم و أقوى مضادات الأكسدة ، بل إنه يعتبر ملك كل العناصر المضادة للأكسدة التي نعرفها . فبدونه أو في حالات نقصه ستتلف الخلايا ، وسيتلف الحمض النووي DNA ، وستحدث به طفرات وتغيرات تحول هذه الخلايا من خلايا طبيعية لخلايا سرطانية .
كما سينهار الجهاز المناعي ، ويصبح الجسم عرضة للأمراض ، ومستباحا للميكروبات التي ستغزوه بكل بساطة . وبدون هذا المركب الهام جدا ستتراكم السموم داخل الخلايا ، فتشيخ وتهرم بسرعة هائلة ، وستموت قبل أوانها .
كما ستتلف أعضاء الجسم ، وعلى رأسها الكبد الذي سيصاب بالتليف . و سيصاب الجسم بالأمراض خاصة التي تصاحب التقدم في العمر ، كمرض إرتفاع ضغط الدم ، ومرض السكر ، وغيرها من الأمراض المزمنة .
هذه عزيزي القارئ نبذة بسيطة ومختصرة ، عن أهمية هذا العنصر البالغ الأهمية لصحة الجسم ومناعته وحمايته ضد الأمراض . وسنعرف كل مايتعلق بهذا المركب الهام ، وكيف يتم تصنيعه ، وكيف نحافظ على مستوياته الطبيعية في أجسامنا .
كما سنعرف أهم فوائده ، وماهي طرق الحصول عليه ؟ سواء من خلال الطرق الطبيعية ، أو من خلال المكملات ، وما مدى أمانه وجرعاته في هذه الحالة ؟ كل هذا وأكثر سنناقشه في هذه المقالة ، فهيا بنا …
ماهو ؟
الجلوتاثيون هو مركب ومادة عضوية ( حمض أميني ) يتواجد في كل خلية من خلايا الجسم . ويزيد تركيزه داخل خلايا أعضاء الجسم الحيوية والهامة لحاجتها إليه مثل القلب ، خلايا الدماغ ، وبالطبع خلايا الكبد . وهو مضاد للأكسدة بالغ القوة والأهمية .
وغيابه أو نقصه يؤدي لكوارث طبية بمعنى الكلمة . لذلك فإن من رحمة الله بنا أن جعل هذا المركب المهم ينتج داخل أجسامنا ( بالتحديد في الكبد ، وفي الخلايا العصبية للجهاز العصبي المركزي ) ، وذلك على خلاف معظم مضادات الأكسدة الأخرى التي يجب الحصول عليها من مصادر خارجية .
ويتم إنتاج مادة الجلوتاثيون وتصنيعه من خلال إتحاد ثلاثة أحماض أمينية هي ( L-glutamate ) و ( glycine ) و ( cysteine ) حيث يتم دمجها لتعطي مركبنا الهام وهو جلوتاثيون ، ويرمز له أحيانا بالرمز ( GSH ) وهو يحتوي على عنصر الكبريت في تكوينه .
فوائد الجلوتاثيون
1- مضاد للأكسدة
تعتبر هذه الخاصية هي أهم خصائص هذا المركب . وهي الخاصية التي من خلالها يؤدي مهامه المختلفة كتخليص الجسم من السموم ، ومحاربة الجذور الحرة الضارة ( Free Radicals ) ، وفوائد أخرى سنعرفها لاحقا .
فمن المعروف أنه تتم في خلايا الجسم تفاعلات كيميائية حيوية بالمليارات في اليوم الواحد . وتتكون مخلفات عضوية ، ومواد سامة ، ومواد ضارة ، أيضا تتكون مركبات تسمى بالجذور الحرة ، وكل هذا يحدث كنتيجة طبيعة لهذه التفاعلات .
وهذه المواد الضارة يجب أن تتخلص منها الخلية في أسرع وقت ممكن ، حتى لا تتراكم السموم داخلها . كما أن الجذور الحرة تعتبر كقنابل تعمل على إتلاف الخلية ، وإتلاف وتغيير الحمض النووي للخلية .
ومن المعروف أن هذه الجذور الحرة الضارة هي أحد أهم أسباب معظم الأمراض والمشاكل الصحية المعروفة . فهي سبب موت الخلية قبل أوانها . كما أنها تسبب طفرات في الحمض النووي غير طبيعية ، وهذا أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى تحول الخلية الطبيعية إلى خلية سرطانية .
كما أنها سبب رئيسي لإصابة الجسم بالأمراض المختلفة ، خاصة الأمراض المزمنة . كمرض السكر ، مرض الزهايمر ، الشلل الرعاش ، إلتهابات المفاصل ، وأمراض القلب والأوعية الدموية ، وكذلك أمراض الجهاز الهضمي وعلى رأسها أمراض الكبد ، كتليف الكبد وتشحم الكبد وغيرها .
كما أن لهذه الجذور الحرة بالغ الأثر في إتلاف خلايا البشرة . فهي بتراكمها داخل الخلايا مع الوقت وبسبب عدم قدرة الخلية في التخلص منها (كما يحدث عند التقدم في العمر) فإن خلايا البشرة تبدأ في الدخول لمرحلة الشيخوخة ، وتظهر عليها علامات التقدم في السن كالتجاعيد و الخطوط الرفيعة ، وتكون النمش . وتحول الجلد من النعومة والصفاء والنقاء ، إلى جلد مجعد وغير موحد اللون .
لذا يجب أن يواجه الجسم هذه المركبات الضارة بأن يكون لديه مايكفي من مضادات الأكسدة التي تعمل على إتلاف هذه الجذور الحرة والتخلص منها . لذا فإن وجود الجلوتاثيون بتركيز جيد هو أحد أهم أسلحة الخلية لمنع هذه الأمراض و تقليل فرص حدوثها .
2- مهم لإصلاح الحمض النووي (DNA)
الجلوتاثيون مضاد قوي للأكسدة . ويحارب الجذور الحرة التي تنتج كمخلفات ضارة من التفاعلات الكيميائية داخل الخلية . وهذه الجذور الحرة تعمل على إتلاف مكونات وأجزاء الخلية ، ومن ضمن هذه الأجزاء الحمض النووي للخلية .
فأثناء إستنساخ هذا الحمض النووي ( وهي عملية دقيقة جدا وحساسة للغاية ) قد يتعرض الحمض النووي للتغيير أو التلف بسبب تداخل الجذور الحرة معه أثناء عملية الإستنساخ . وهذا قد يؤدي لحدوث طفرات ضارة ، وتغيرات في الخلية قد تحولها فيما بعد لخلية سرطانية .
لذا فإن أحد أهم وظائف الجلوتاثيون هي أن يمنع الإجهاد التأكسدي في الخلية ، ويحارب الجذور الحرة . وذلك حتى يمنع تلف الخلية ، ويحافظ على نشاطها لتقوم بعملها بشكل سليم .
3- مقاومة السرطان و الأورام الخبيثة
بينت الدراسات و الأبحاث أن النقص في الجلوتاثيون هو أحد عوامل ظهور الورم السرطاني . فهو يحمي من الأكسدة التي تحدث بسبب التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الخلية . فهذه التفاعلات ينتج عنها جذور حرة نشطة تعمل على إتلاف الخلية وتحويلها لخلية سرطانية .
4- فوائد الجلوتاثيون للكبد
الكبد هو أكبر وأثقل غدة في الجسم . وهو عضو بالغ الأهمية ، حيث يؤدي حوالي 500 وظيفة يومية للجسم . ومن أهم وظائف الكبد هي التخلص من سموم الجسم ، والعمل على طردها خارجه . لذلك نجد أن مرضى الكبد في المراحل المتأخرة تتحول لون البشرة والجلد لديهم للون غامق ، وذلك بسبب تراكم السموم في الجسم وتحت الجلد .
وتقوم خلايا الكبد بالتخلص من السموم عن طريق تفاعلات كيميائية معقدة وحساسة ، وينتج عن تلك التفاعلات مواد سامة وجذور حرة ، تؤدي لتلف خلايا الكبد سريعا لو لم يتم التخلص منها بشكل فوري .
وهنا يأتي دور الجلوتاثيون ، حيث أنه أهم مضاد للأكسدة يعمل على حماية خلايا الكبد من التلف ، حيث يعمل على تنظيف خلايا الكبد من خلال التخلص من هذه الجذور الحرة الضارة ، والتخلص من السموم المتراكمة في خلاليا الكبد .
كما أن للجلوتاثيون خاصية هامة جدا ومفيدة لخلايا الكبد ، فهو يمنع موت وتلف خلايا الكبد عن طريق تقليل فرص تدهن خلايا الكبد ( تشحم الكبد أو مرض الكبد الدهني ) وبهذا يقلل من فرص تليف خلايا الكبد ، وكل ذلك يمنع ويقلل من فرص الإصابة بسرطان الكبد .
5- تقليل مقاومة الإنسولين
إن زيادة مقاومة الإنسولين ( insulin resistance ) تؤدي إلى الإصابة بمرض السكر . وقد أجريت أبحاث عدة بشأن إرتباط زيادة مقاومة الإنسولين والجلوتاثيون . وقد أظهرت أن الذين لديهم مستويات منخفضة للجلوتاثيون هم أكثر عرضة للإصابة بمرض السكر من النوع الثاني خاصة كبار السن .
فالجلوتاثيون إذا قل إنتاجه في الخلايا فإن ذلك يؤدي إلى ضعف في عملية حرق و إذابة الدهون ، بالتالي إرتفاع في دهون الدم ، وهذا يؤدي إلى تخزين هذه الدهون في الجسم ، وتحت الجلد ، وحول الأعضاء الداخلية للجسم كالقلب و الكبد . وكل هذا يؤدي إلى زيادة مقاومة الإنسولين التي في النهاية تؤدي لللإصابة بمرض السكر من النوع الثاني .
لذا فعند إعطاء الأشخاص الذين يعانون من مشكلة إرتفاع سكر الدم وزيادة مقاومة الإنسولين الجلوتاثيون ( سواء على شكل مكملات ، أو من خلال إعطائهم الأطعمة التي تعمل على زيادة إنتاجه بشكل كبير في الجسم ) فإنه خلال أقل من شهر واحد قل مستوى السكر المرتفع لديهم في الدم ، كما قلت مقاومة الإنسولين بشكل جيد .
6- مرض باركنسون ( الشلل الرعاش )
يحدث الشلل الرعاش عندما تتلف الخلايا العصبية في الدماغ المتواجده في منطقة تسمى بالمادة السوداء ( Substantia Nigra ) وهذه الخلايا العصبية مسؤولة عن إنتاج الدوبامين (ناقل عصبي هام) وهذا مايؤدي في النهاية لمرض الشلل الرعاش .
لكن وحتى الآن لم يتم التوصل بشكل دقيق إلى سبب موت وتلف هذه الخلايا العصبية . لكن هناك نظرية هي الأقرب حتى الآن للتفسير المنطقي الصحيح ، وهي أن تدمير هذه الخلايا العصبية يحدث بسبب زيادة الجهد التأكسدي في تلك الخلايا .
ويحدث الإجهاد التأكسدي بسبب زيادة المركبات السامة والجذور الحرة التي تتلف هذه الخلايا العصبية . وتلعب الوراثة دورا هاما في أن هذه الخلايا بالذات تتأثر بهذه الجذور الحرة بشكل كبير ، وقد قامت دراسات عدة بينت أن هذه الخلايا في هذه المنطقة تحديدا لديها نقص في إنتاج مادة الجلوتاثيون .
وعلى هذا فإنه من الواضح أهمية الجلوتاثيون ( كمضاد للأكسدة ) في منع وتقليل فرص الإصابة بهذا المرض ، كما أنه يعمل على تقليل التدهور الحاصل للأشخاص المصابون به بالفعل من خلال إعطائهم إياه كمكمل ، أو من خلال زيادة وتحفيز إنتاجه في الجسم بواسطة مواد طبيعية لينتج الجسم جلوتاثيون طبيعي .
7- للتوحد و أطياف التوحد
وجد أن الأطفال المصابون بالتوحد أو بأطياف التوحد لديهم مستويات منخفضة من الجلوتاثيون ، وقد تصل مستويات النقص لديهم لأكثر من 50% عن الأطفال العاديين .
ومن المعروف كما ذكرنا أن الجلوتاثيون مضاد قوي للأكسدة ، حيث يعمل على إزالة السموم والمعادن الثقيلة كمعدن الزئبق و الرصاص . وهذه السموم والمعادن الثقيلة تترسب في خلايا الدماغ والجهاز العصبي لطفل التوحد ، ولا تستطيع الخلايا التخلص منها بسهولة أو بكفاءة ، وذلك لقلة تركيز الجلوتاثيون بداخلها .
وهذا بالطبع يؤدي إلى مضاعفة مشاكل التوحد و إضطرابات طيف التوحد الخاصة بالجهاز العصبي . ويقلل من فرص تحسن حالة طفل التوحد . لذا فعند إعطائهم الجلوتاثيون بشكل طبي ، فإن أعراض التوحد العصبية قد قلت لديهم بشكل ملحوظ ، خاصة عندما تم إضافة الأوميجا 3 أيضا في نظامهم الغذائي .
8- أهميته لتقوية المناعة
كمضاد رئيسي للأكسدة فإن الجلوتاثيون هام لمناعة الجسم . وهو أحد أهم العناصر التي يعتمد عليها الجسم في تقوية خلايا الجهاز المناعي ( خاصة الخلايا التائية القاتلة T-Cells ، والخلايا الليمفاوية ) والحفاظ عليها من التلف . بل إنه عند إصابة الجسم بالعدوى وخاصة العدوى الفيروسية فإن تركيز الجلوتاثيون يزداد في الخلايا المناعية بشكل سريع .
وذلك لأن الخلايا المناعية أثناء مقاومتها للميكروبات والجراثيم تتأثر بالمواد السامة التي تفرزها هذه الجراثيم لقتل خلايا الجسم المناعية ، وهنا تتضح أهمية مادة الجلوتاثيون للمناعة ، حيث أنه يعمل على إصلاح الأجزاء التالفة في الخلية المناعية بشكل سريع لتواصل عملها بكفاءة .
كما أن للجلوتاثيون دورا مباشرا في مهاجمة الفيروسات ، حيث يقوم بمنع عملية تكاثر الفيروسات . أي أنه مضاد للفيروسات . فالجلوتاثيون دوره هام في تعزيز وتنشيط قدرات الجهاز المناعي في الجسم . ونقصه هو أحد أسباب إصابة الجسم بالإلتهابات ، وبالعدوى المتكررة بالفيروسات والبكتيريا .
9- فوائد الجلوتاثيون للرجال
للجلوتاثيون فائدة هامة للعقم عند الذكور حيث أنه يزيد من الخصوبة . فقد كانت هناك نتائج إيجابية عند إعطاء الرجل الذي يعاني من قلة الحيوانات المنوية ، ومن قلة حركة الحيوانات المنوية ، ومن زيادة التشوهات ، ( 600 ) ملليجرام من الجلوتاثيون مرة يوميا ، لمدة ثلاثة أشهر متواصلة .
حيث لوحظ إرتفاع أعداد الحيوانات المنوية ، وزيادة نشاطها ، وإنخفاض التشوهات بها بنسبة زادت عن 50% . خاصة عند هؤلاء الرجال الذين يعانون من دوالي الخصية .
الجلوتاثيون للتبييض و تفتيح البشرة
من الواضح ومن خلال قراءة ماسبق فإنه تتضح فوائد الجلوتاثيون للبشرة . فهو كمضاد للأكسدة يعمل على حماية البشرة من التصبغات و البقع التي تحدث سواء بسبب التعرض لأشعة الشمس الضارة ، أو من خلال إزالة السموم من خلايا البشرة .
كما أنه يعمل على تقليل ومنع ظهور علامات تقدم السن والشيخوخة على الجلد ، كالتجاعيد ، الخطوط الرفيعة ، ترهل الجلد ، وغيرها من آثار التقدم في السن والحفاظ عليه في مستويات طبيعية وصحية يؤدي لتمتع البشرة بالنضارة و الإشراق .
لذا فإنه في الآونة الأخيرة تم وضع الجلوتاثيون في مركبات تفتيح البشرة . سواء كريم جلوتاثيون للتفتيح ، أو كريم مرطب الجلوتاثيون . لكن وجد أن تأثيراته الموضعية ضعيفة ولا تكاد تذكر .
أما التأثير الفعلي الذي أدى لتفتيح و تنقية البشرة وتبييضها بشكل براق ، فكان عن طريق تناول حبوب الجلوتاثيون للتبييض والتفتيح و توحيد اللون . فالجلد معرض للملوثات سواء من الخارج كالشمس و الأتربة ، أو من الداخل بسبب الإجهاد التأكسدي والجذور الحرة .
بالتالي تحتاج هذه الخلايا إلى الجلوتاثيون بشكل مستمر لتنظيفها من هذه المواد الضارة . كما أن للجلوتاثيون مفعول تفتيح مباشر من خلال تثبيط إنتاج صبغة الميلانين الذي يؤدي إلى ظهور البقع الداكنة تحت الجلد .
فعند تناول مكملات الجلوتاثيون (بجرعات مناسبة وصحيحة كما سنعرف لاحقا) فإن تأثيرها سيبدأ في الظهور خلال شهرين أو ثلاثة أشهر . وتوجد حبوب و أقراص أو كبسولات تفتيح البشرة في الصيدليات تحتوي على الجلوتاثيون و فيتامين سي ومضادات أكسدة أخرى تزيد من فعاليته بشكل كبير . وهي آمنة و فعالة .
إبر الجلوتاثيون للتفتيح ( ابر التبييض )
حقن الجلوتاثيون ( ابر الجلوتاثيون ) ذاع صيتها بشكل مفاجئ وعرفت باسم ابر التفتيح الدائمة للجسم . وقيل أنها تعمل على تبييض الجسم بشكل كامل وفعال . فما حقيقة هذه الإبر ؟ وهل هي آمنة ؟ أم مضره ؟
في الحقيقة أن الجلوتاثيون مضاد قوي للأكسدة كما ذكرنا . وفي العموم فإن أي مضاد للأكسدة يعمل على تفتيح الجلد بدرحة تعتمد على قوة هذا المركب كمضاد للأكسدة .
ولكن كما هو معلوم بأن أي شئ طالما يتم إستخدامه بالطريقة الصحيحة فهو لن يضر . أما إذا تم إستخدامه بشكل غير صحيح فبالطبع سيسبب ضررا قد يكون في بعض الأحيان بالغا .
و إبر الجلوتاثيون لا يتم تصنيعها من قبل شركات أدوية ، فهي لم يتم ترخيصها للإستعمال الطبي في تفتيح البشرة من قبل أي هيئة صحية رسمية . وقد حذرت منظمة الغذاء و الدواء الأمريكية (FDA) منها . ولم تعطي ترخيصا باستخدامها . بل أكدت أنها مضرة وليست مفيدة .
فالأقراص تحتوي على تركيز غير مرتفع من مادة الجلوتاثيون ، كما أن الجسم لا يمتص كل المادة الفعالة ، بل إن إنزيمات الهضم تعمل على إتلاف جزء منها ، أما الجزء المتبقي فيمتص الجهاز الهضمي جزءا منه ، ويتخلص الجسم من الكمية الزائدة منه في البول عن طريق الكلية .
أما حقن الجلوتاثيون فإنها تعطى وريديا (I.V) ، ويتم فرض كل الكمية على الجسم بشكل إجباري لأنها دخلت مباشرة إلى الدم . كما أنه لكي تعطي تأثير التفتيح لكامل الجسم ، فلابد أن تكون بجرعات عالية جدا ، وبالتالي فإنها تسبب الفشل الكلوي في كثير من الحالات . فالكلية هي المسؤولة عن إخراج هذه المادة من الجسم .
لذا وبشكل قاطع فإن إجبة سؤال ( هل إبر الجلوتاثيون لتفتيح مضرة ؟ ) فالإجابة هي ليست مضرة فقط ، بل هي مضرة جدا جدا . وغير مرخص ببيعها في الصيدليات أو المستشفيات . كما أن فائدتها في التفتيح لا تعادل أبدا الضرر الذي سيلحق بالشخص الذي ستعطى له .
كيف يمكن الحصول على الجلوتاثيون بشكل طبيعي ؟
كيف يمكن زيادة الجلوتاثيون في الجسم من خلال الطعام أو الشراب ؟ هل يمكن زيادة تركيز مادة الجلوتاثيون طبيعيا ؟ ماهي أهم الأطعمة و الأشربة الغنية بمادة الجلوتاثيون بشكل طبيعي ؟ أين يوجد الجلوتاثيون في الطبيعة ؟
كل هذه الأسئلة من الممكن أن تسأل نفسك بها عزيزي القارئ ، خاصة بعد قراءتك لفوائد هذا المركب الرائع و الهام . والإجابة بسيطة ، فلو كنت تريد الحفاظ على مستويات هذا المركب بشكل جيد لتنعم بالصحة ، والنشاط ، والشباب المستدام ، فعليك بهذه المأكولات التي تعمل على زيادة وتعزيز إنتاجه وهي :-
1- تناول الأطعمة الغنية بالكبريت . فكما ذكرنا أن الكبريت هام لتصنيع الجلوتاثيون . ويتواجد الكبريت في لحم الديك الرومي ، وفي البيض ، والمأكولات البحرية وعلى رأسها المحار و الجمبري . وفي أعضاء الحيوانات الداخلية ، خاصة كبد البقر وكبد الدجاج .
كما يعتبر الكركم أحد أهم الأعشاب التي تساعد على زيادة إنتاج الجلوتاثيون . وذلك لإحتوائه على الكبريت و الكركمين الذي ينشط من عملية إنتاج الجلوتاثيون .
2- الأطعمة الغنية بمادة السيلينيوم . وأكثر طعام يحتوي على السيلينيوم هو الجوز البرازيلي . ويأتي بعده المأكولات البحرية ، وأهمها المحار و التونة و الجمبري . كما يحتوي لحم البقر و صدور الدجاج على نسبة جيدة منه .
3- أكثر فاكهة طبيعية تحتوي على الجلوتاثيون بشكل طبيعي هي فاكهة الأفوكادو . وينصح بتناولها عندما تكون ناضجة بشكل جيد (يكون ملمس سطحها مجعد وعليها نقاط بنية) فهي بهذا يكون طعمها أفضل ، وتكون محتوية على تركيز أعلى من الجلوتاثيون .
4- السيليمارين ( Silimarin ) وهو مادة طبيعية تستخرج من نبات شوك الحليب ( milk thistle ) ويوجد السيليمارين على شكل أقراص تباع في الصيدليات . وهو أحد أكثر المواد الي تعمل على زيادة إنتاج الجلوتاثيون بشكل طبيعي . ويستعمل السليمارين بشكل كبير لعلاج أمراض الكبد .
ماهي جرعة الجلوتاثيون
كما ذكرنا بالأعلى بأن الجلوتاثيون يتم إنتاجه بشكل طبيعي في الجسم . ويمكن أن ندعم زيادة إنتاجه من خلال الممارسات الصحية . بأن نتناول الأطعمة التي تزيد من إنتاجه ، وأن نحصل على قدر جيد من النوم ، وأن نبتعد عن الأطعمة والمشروبات الضارة ، ونترك العادات السيئة كالتدخين .
ولكن مع التقدم في العمر يبدأ إنتاج هذا المركب الهام بالإنخفاض (وهذا أحد أسباب ظهور علامات الشيخوخة والأمراض) كما أن بعض الأشخاص قد يحتاجون لتناوله عن طريق المكملات كأقراص أو كبسولات ، كالمدخنين الذين يعانون من الأمراض المزمنة ، كمرض السكر أو أمراض الكبد وغيرها .
فحتى لو حرص هؤلاء الأشخاص على زيادته بشكل طبيعي من خلال الأطعمة و الأشربة التي ذكرناها فهناك مشكلتان :-
أولهما أن قدرة الجسم على إنتاج وتصنيع الجلوتاثيون قد أصبحت ضعيفة بالأساس ، وذلك بسبب التقدم في العمر ، أو بسبب الأمراض المزمنة . كما أنه سيحتاج كميات كبيرة جدا من الطعام ليتناولها يوميا ليصل للتركيز الجيد من الجلوتاثيون .
أما المشكلة الثانية فهي أن الجلوتاثيون يتأثر بالحرارة المرتفعة أثناء الطهي ، وبالتالي سيتلف الكثير منه أثناء تحضير الطعام .
لذا ينصح هؤلاء بتناول الجلوتاثيون كمكمل ، يساعد في تحسين المناعة و الصحة و النشاط . ولزيادة كفاءة وقدرة باقي العلاجات الأساسية لهؤلاء الأشخاص .
والجرعة اليومية تتراوح مابين (20 إلى 40) ملليجرام لكل كيلوجرام من وزن الجسم . مرة واحدة يوميا . ويفضل تناولها مساء بعد وجبة العشاء .
أضرار الجلوتاثيون و الآثار الجانبية
الجلوتاثيون آمن . وينتجه الجسم بشكل طبيعي . ولم تسجل أعراض جانبية خطيره له حتى عند تناوله بجرعات كبيرة (1000) ملليجرام لمدة ستة أشهر . وأغلب الأعراض الجانبية كانت عبارة عن الشعور بالمغص أو بالإنتفاخ وعسر الهضم .
لكن ومع ذلك ، فأنا لا أنصح بتجاوز الجرعات التي ذكرتها بالأعلى . وأن لا تزيد فترة تناول هذا المكمل عن ثلاثة أشهر متواصلة . حيث يجب أن تحصل على فترة راحة بعد ذلك شهرا كاملا . ثم تعيد تناوله مرة أخرى من جديد ، وهكذا .
المحاذير
1- لم تجرى دراسات كافية على الحامل أو المرضع ، لذا لا يستعمل أثناء فترة الحمل أو الرضاعة .
2- لا يستعمل لمرضى الربو . فقد تؤدي الجرعات المرتفعة منه إلى إنقباض في الشعب الهوائية .
3- لا يستعمل للمرضى الذين يتناولون أدوية ذهانية ، أو أدوية الصرع .