فرط الحركة و تشتت الانتباه Attention deficit hyperactivity disorder واختصاره (ADHD) . هو أحد الإضطرابات النمائية العصبية ، يولد بها الطفل . ويتم تشخيصه بعمر الثلاثة أو أربعة سنوات من عمر الطفل .
واضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه (ADHD) ، هو أحد أكثر الإضطرابات العصبية شيوعا في الأطفال . وهو مصطلح يطلق الآن على مجموعة من الأعراض التي من الممكن أن تجتمع كلها في الطفل ، أو بعض من تلك الأعراض .
ففي السابق كان مصطلح (ADHD) يطلق على الأطفال الذين يعانون من فرط في الحركة الشديدة ،
وكان هناك اضطراب آخر يطلق عليه اضطراب نقص الإنتباه أو Attention Deficit Disorder ويطلق عليه اختصارا (ADD) .
لكن مؤخرا في آخر نسخة للجمعية الأمريكية للطب النفسي (DSM-5) ، تم دمج هذين الإضطرابين . وأصبح هناك مصطلح شامل لوصف أعراض نمائية عصبية ، يولد بها الطفل و تظهر تدريجيا ، حتى يتم تشخيصها بشكل كامل في عمر الرابعة . وهو مصطلح ( اضطراب فرط الحركه و تشتت الإنتباه ) ، ويطلق عليه اختصارا (ADHD) .
ماهو تعريف اضطراب فرط الحركة و تشتت الانتباه (ADHD)
هو خلل واضطراب في الجهاز العصبي غير مكتسب ، بل يولد به الطفل . ويشخص هذا الإضطراب بشكل واضح عندما يصل الطفل لعمر الأربع سنوات .
ولكن حتى قبل هذا العمر، يمكن ملاحظة أن هذا الطفل يسلك سلوكا غير طبيعيا . فمن بداية حمله وهو مازال جنينا بالرحم ، نجد الأم تشتكي من كثرة حركته الغير طبيعية . خصوصا بعد الشهر الرابع من الحمل .
وبعد ولادته ، ففي الشهور الأولى يحرك ذراعه و رأسه و رجليه بشكل عصبي ، ويبكي كثيرا . حتى أن الأبوين يعتقدان أنه يعاني من مغص وغازات .
وعندما يكبر قليلا ، نلاحظ أن بعضهم لايمر بمرحلة الزحف ، بل يمشي مباشرة (من فرط الحركة). كما أن فرط الحركة عند الأطفال يصاحبه أحيانا تأخر الكلام (بسبب نقص وتشتيت الانتباه) .
ومن بداية تعلمه المشي تبدا الكوارث بالمعنى الحرفي . فنجده يدور و يمشي وينتقل من مكان لمكان بشكل دائم . ولا يستقرعلى لعبة ثابتة أكثر من دقيقة أو دقيقتين . ويكسر الأشياء . ويقفز من أماكن عالية ، ويصرخ ( طاقة زائدة لا يستطيع كبحها ) .
أما الألعاب المتحركة بسرعة ، أو الموبايل أو التابلت أو التلفاز لو كان يعرض أشياء متحركة سريعة وعنيفة فنجده يجلس أمامه بالساعات . حيث تستهويه السرعة والحركة الدائمة .
وفي سن المدرسة نجد أن المدرسين يشتكون منه أنه لا ينتبه (مشتت) ، ولا يسمح لزملائه بالإنتباه . فهو دائم الحركة في الفصل ، ولا يلتزم بمكانه . وحتى لوجلس فإنه بشكل دائم يظل يحرك يديه و رجليه .
وغالبا يكون تحصيله الدراسي ضعيف . ويرجع للمنزل وقد نسي معظم أدواته وكتبه المدرسية . وعند سؤاله عما تلقاه من تعليم في المدرسة نجده لا يتذكر شيئا .
من الصعب السيطرة عليه خصوصا خارج المنزل . حتى أن الأسرة تفضل البقاء بالمنزل منعا للإحراج والمشاكل . ومن الممكن أن تحدث مشاكل أسرية ونزاعات بين الأب و الأم بسببه .
أسباب اضطراب فرط الحركه و تشتت الإنتباه
بالطبع تلعب الجينات الوراثية الدور الأهم في تفسير سبب الإصابة باضطراب فرط النشاط وقلة الإنتباه ADHD . ولكن هناك أيضا بعض العوامل الأخرى التي قد تعزز الإصابة بهذا الإضطراب ومنها :-
1)- إصابة الدماغ ، خصوصا مايحدث من سقوط الرضع من أماكن عالية على الأرض . فكثرة الصدمات تؤدي لبعض الأحيان لهذا الإضطراب .
2)- الولادة المبكرة ، وما يصاحبها من نقص في وزن الطفل أثناء الولادة .
3)- تعرض الأم الحامل لكمية كبيرة من الملوثات ، خاصة المعادن الثقيلة ، مثل الرصاص أو الزئبق ، والتي تتواجد في أسماك البحار الكبيرة الحجم . أو ملوثات توجد في الطعام المعلب . أو الفواكه والخضراوات الغير مغسولة جيدا .
لذا يفضل نقع الخضراوات والفواكه لنصف ساعة قبل تناولها . ولو كنتي تريدين الحصول على الأوميغا3 ، فيفضل تناول الأسماك الدهنية ذات الحجم الصغير ، أو أخذها على شكل كبسولات .
4)- تناول المشروبات الكحولية ، والأدوية المخدرة ، وشرب السجائر .
فكل هذه الأسباب تؤدي لنقص في عمل النواقل العصبية في الدماغ . خصوصا هرمون الدوبامين وهرمون النورإبينفرين (norepinephrine) حيث يؤدي الخلل في تلك الناقلات العصبية لتضرر أجزاء المخ بدرجات متفاوتة ، حسب شدة الخلل . خصوصا في منطقة القشرة الأمامية من الدماغ ، فهي المسؤولة عن الإنتباه والتركيز ، و ردود الأفعال الحركية .
معدلات حدوث اضطراب ADHD
هناك بعض الإحصاءات والنقاط الهامة بخصوص هذا الاضطراب وهي :-
1)- يولد الطفل بهذا الإضطراب ، وهو ليس مكتسبا . فلا علاقة بين كثرة تناول الحلويات أو السكريات بفرط الحركة المرضي . أو أن الجلوس الطويل أمام التلفاز و الألعاب الإلكترونية يؤدي لاضطراب فرط الحركة .
أو أن المشاكل والضغوط الأسرية والإجتماعية قد تؤدي لهذا الإضطراب . فكل هذه الأمور ليس لها دخل في إصابة الطفل بفرط الحركه وتشتت الإنتباه ، لكن من الممكن لهذه العوامل أن تزيد من حدة هذا الاضطراب .
2)- تختلف حدة الإصابة بهذا الإضطراب من طفل لآخر . كما أنه مع التقدم في العمر ، تنمو قشرة الدماغ الأمامية و تتطور ، ولذلك فإن أكثر من ثلث الأطفال المصابون بمجرد وصولهم لسن البلوغ أو القرب منه ، يختفي هذا الإضطراب لديهم بشكل كبير .
أما الثلثين الآخرين ، فتستمر معهم الأعراض ، لكن بشكل طفيف . ويسهل على البالغ السيطرة عليه مع بعض التمارين النفسية ، وأحيانا بعض أنواع الأدوية .
3)- متوسط العمر الذي يتم فيه تشخيص معظم الأطفال يكون في سن المدارس أي (6-7) سنوات . أما متى تبدأ علامات هذا الطيف بالظهور بشكل واضح فعند عمر الثلاث سنوات . وتشخيص هذا الإضطراب بشكل طبي قاطع يكون عند عمر أربع سنوات .
4)- حوالي (7% ) من الأطفال مصابون باضطراب فرط الحركة و نقص الانتباه . وهي بالمناسبة نسبة عالية جدا . فهذا الاضطراب يعتبر أكثر الاضطرابات العصبية شيوعا بين الأطفال كما ذكرنا .
5)- يصاب الذكور بفرط الحركة أكثر من الإناث . وتصاب الإناث بتشتت الإنتباه أكثر من الذكور .
أنواع اضطراب فرط الحركة و تشتت الانتباه
فرط الحركة و نقص الانتباه (ADHD) ، له ثلاثة أنواع من الاضطراب وهي :-
1)- نقص أو تشتت الانتباه (ADD) ، وهو أكثر شيوعا بين البنات .
2)- فرط الحركة مع الإندفاعية (hyperactive and impulsive) .
3)- يجمع بين النوعين السابقين ، أي مصاب باضطراب فرط الحركة والاندفاعية و تشتت الانتباه (وهو الأكثر شيوعا بين الأطفال عموما) .
فكما هو واضح أن هذا الاضطراب يدور حول ثلاثة سلوكيات (فرط الحركة) ، و (نقص وتشتت الانتباه) ، و (الاندفاع) .
وتختلط هذه السلوكيات وتختلف شدتها من طفل لآخر . لذلك سنقوم بشئ رائع وهو معرفة أعراض كل سلوك من هذه السلوكيات الثلاثة ، ومتى نشخص ونحكم أن الطفل مصاب بهذا السلوك الاضطرابي ، كما سيتضح لنا الآن .
1)- أعراض تشتت الانتباه عند الأطفال (attention deficit disorder)
يوصف الطفل بأنه مشتت الانتباه (ADD) ، إذا تم تأكيد أنه يعاني من (ستة) أعراض على الأقل من الأعراض التي سنذكرها الآن . ويجب أن تكون هذه الأعراض مستمرة مع الطفل لمدة (ستة أشهر) على الأقل . وهذه الأعراض هي :-
1)- لا يستطيع تنفيذ الأوامر التسلسلية . كأن نطلب منه أن يحضر قلمه من الغرفة ، ثم يطفئ النور ، ثم يغلق الباب . فسنجده فقط يحضر القلم ، ثم يطفئ النور، لكن يقف ولا يتذكر الطلب الثالث (إغلاق الباب) .
2)- أغلب الأوقات لا تظهرعليه أي علامة أو تفاعل يدل أنه ينصت إلينا عند التحدث إليه .
3)- لا ينتبه للتفاصيل الهامة والأساسية اليومية . مثل أن يغلق باب الثلاجة . أو ينسى أن يلبس الشراب قبل الحذاء وهكذا .
4)- لا يتذكر الأحداث التي حدثت سواء داخل المنزل (كأن لا يتذكر ما تناوله على طعام الإفطار صباح اليوم) . أو الأحداث خارج المنزل . ولا يتذكر ماذا أخذ من دروس و واجبات مدرسية اليوم في المدرسة .
5)- لا يستطيع التركيز أو الإنتباه بشكل مباشر أكثر من دقيقتين على الأكثر .
6)- سهل التشتت . فمثلا لو كان يجلس على كتاب ثم سمع صوت قطة بالخارج يترك الكتاب سريعا ثم يذهب ناحية الصوت .
7)- يفقد أدواته بشكل يومي ، خصوصا أدواته المدرسية ، وكثيرا يعود للمنزل بدون حقيبته من الأساس .
8)- لديه مشكلة في ترتيب أغراضه أو شنطته المدرسية .
9)- ينسى بسرعة . فمثلا لو جلست معه تدرسه ساعة كاملة ، ثم تسأله فستجده لا يعطيك أي إجابة ، كأنك كنت تجلس مع طفل آخر .
10)- لديه صعوبة في بذل أي مجهود يحتاج إلى تركيز ذهني ، مثل لعبة البازل .
11)- لا يستطيع ان ينهي أي عمل يكلف به . ولا يستطيع الاستمرار على نشاط واحد . فنجده يجلس يذاكر ، وقبل أن ينتهي من الدرس يقوم ليلعب ، ولا يكمل اللعب ، بل يذهب ليشاهد التلفاز وهكذا .
2)- أعراض فرط الحركة (hyperactivity disorder)
إذا كان الطفل يعاني من (ثلاثة) سلوكيات أو أكثر من هذه السلوكيات التي سنذكرها ، فهو مصاب بالفعل باضطراب فرط الحركة . لكن بشرطين ، أن تستمر هذه السلوكيات بشكل يومي لمدة (ستة) أشهر متواصلة . و أن تحدث هذه السلوكيات في كل الأماكن ، ومع مختلف الأشخاص .
فمثلا قد نجد الطفل طبيعي في المنزل ، لكن يظهرسلوك فرط الحركة في المدرسة . فهذا الطفل طبيعي ، لكنه يواجه مشاكل في المدرسة تدفعه لإظهار هذا السلوك .
أما طفل فرط الحركة فيظهر أعراض هذا الإضطراب في كل الأماكن ، سواء المنزل أو المدرسة أو أي مكان يذهب إليه .
وهذه السلوكيات هي :-
1)- لا يستطيع الجلوس على الكرسي أكثر من دقائق معدودة ، (2-3) دقائق على الأكثر .
2)- حتى لو جلس على الكرسي ففي تلك الفترة القصيرة التي يجلسها يظهر التململ ، وعدم الراحة ، ونراه يحرك يديه و رجليه باستمرار .
3)- سريع الحركة بشكل غير طبيعي . وينتقل من مكان لمكان بلا توقف ( فمثلا لو ذهب لمنطقة بها ألعاب كالحديقة ، سنجده يذهب للعبة ، ثم بعد دقيقة أو أقل يذهب للعبة أخرى ، وهكذا طوال اليوم ) .
4)- لايستطيع أن ينسجم مع باقي الأطفال في الأنشطة الهادئة كالرسم ، ويظهر نشاطا هائلا وأحيانا عدوانيا عندما يشترك في الأنشطة الحركية ، مثل لعبة كرة القدم .
5)- لا يستطيع أن يكمل أي شئ لآخره . فمثلا لا يستطيع إكمال حل واجبه ، أو أن يكمل تنظيف غرفته ، أو حتى إكمال طعامه . بل يمل سريعا ودائم التعجل .
6)- دائما مايتحدث بصوت عالي ومزعج . ويحدث ضوضاء في أي مكان يذهب إليه . حتى أن الأسرة تقلل من عدد مرات الخروج والزيارات منعا للإحراج .
7)- أكثر من مرة يطلب من الأبوين المجئ للمدرسة أو الحضانة لأخذه من لكثرة مشاكله . وأحيانا ترفض إدارة المدرسة أو الحضانة إستمراره بها .
3)- أعراض الإندفاعية (impulsive symptoms of ADHD)
من أخطر و أهم أعراض الإصابة بفرط الحركة وتشتت الانتباه هي الإندفاعية ، أو الاندفاع والتهور .ولكي نؤكد أن الطفل لديه إندفاعية وتهور، فلابد من ملاحظة أنه يسلك (سلوكين اثنين) على الأقل من السلوكيات القادمة ، لمدة (ستة) أشهر على الأقل ، وفي الأماكن المختلفة .
وهذه السلوكيات هي :-
1)- دائما يقاطع الآخرين عند التحدث معهم .
2)- لا يلتزم بدوره في الطابور ، ودائما يتخطى زملاءه ، فهو لا يستطيع الصبر حتى يأتي دوره .
3)- لا يستطيع السيطرة على مشاعره .
4)- نجده يدخل في اللعب فجأة مع الأطفال الآخرين دون إستئذان .
5)- قليل الحذر من الغرباء ولا يخشاهم (جرئ بشكل سئ) .
6)- يعرض نفسه للخطر دائما غير مبالي بالعواقب . فمن الممكن أن يسير بجانب والديه في الطريق ، ثم يشاهد لعبة في الجانب الآخر ، ففجأة يترك والديه ويجري قاطعا الطريق دون أن يهتم بالسيارات القادمة .
7)- لايستطيع التحكم في كلامه ، بل يندفع بأي كلام يخطر على باله بدون تفكير . فنجده يفشي أسرار المنزل ، وما يحدث بين أبويه وبين أهله ، وقد يسبب إحراجا ومشاكل كثيرة بين والديه وبين أفراد أسرته .
بعض النقاط الهامة بخصوص اضطراب فرط الحركة و تشتت الانتباه
1)- يجب عمل فحوصات على الطفل . مثل فحص نشاط الغدة الدرقية ، وعمل رسم للمخ (EEG). أيضا فحص مقياس السمع لدى الطفل ، وفحص قوة النظر لديه . كل هذا لابد من التأكد منه قبل أي شئ .
2)- كثير من الأطفال الطبيعيين لديهم بعض (وأحيانا الكثير) من السلوكيات التي ذكرناها بالأعلى . ولكن لا تستمرمعهم لفترات طويلة ، ولا تتكرر بشكل يومي .
3)- لتشخيص الطفل ، لابد من حضور الأبوين مع طبيب نفسي أطفال ، وطبيب أطفال للجهاز العصبي . وذلك حتى يمكن إعطاء صورة واضحة عن ما يواجهه الطفل . وهذا التشخيص لايتم في فترة وجيزة ، بل قد يمتد لعدة جلسات ، حتى تكتمل الصورة وتتضح .
4)- يجب أن يعلم الأبوين أن الطفل لايتعمد فعل هذه الأمور . فهي تحدث منه بشكل لا إرادي . لذا يجب عليهم التحلي بالصبر ، واتباع العلاج السلوكي (الذي سنذكره لاحقا) ، وأيضا العلاج الدوائي لو تم وصفه من قبل الطبيب المعالج .
وعدم معاقبة الطفل أبدا أو توبيخه ، فكما ذكرنا هذه الأفعال خارجة عن إرادته . بل إن العقاب الغير مدروس سيؤدي لتفاقم المشكلة . بل يجب الوقوف بجانبه ، ودعمه واحتضانه ، حتى يتمكن من التغلب على هذا الإضطراب ، وتتحسن حالته مع الوقت .
5)- اضطراب فرط الحركة و تشتت الانتباه مرض وراثي ، وأيضا هناك أسباب أخرى ذكرناها سابقا ، لكن الوراثة والجينات هي السبب الرئيسي له .
فعادة ما نجد لدى الأطفال المصابين بهذا الإضطراب أن أحد أفراد أسرتهم كان مصابا به أيضا ، سواء أحد الأبوين أو أحد الأخوة ، أو أقاربهم من الأعمام أو الأخوال .
6)- يعتمد علاج هذا الاضطراب على العلاج الدوائي و العلاج السلوكي . وقد وضحناها في مقالة خاصة . وللإطلاع عليها فرجاء إضغط هنا .