الرئيسية » أمراض » أمراض نفسية و نمائية » هرمون السعادة ، ماهو ؟ وكيف نرفع مستواه بشكل طبيعي ؟

هرمون السعادة ، ماهو ؟ وكيف نرفع مستواه بشكل طبيعي ؟

by د. شادي راضي
1066 الآراء
ماهو هرمون السعادة

هرمون السعادة ، ومن منا لا يحب السعادة ؟ فالإنسان باختصار عبارة عن جزئين جزء مادي ( الجسد ) وجزء نفسي . فأما الجزء النفسي فينقسم لمشاعر عاطفية و مشاعر جسدية . فالمشاعر الجسدية فهي مثل ( الشعور بالجوع ، العطش ، والحر ، البرد ) .

أما المشاعر العاطفية فهي ستة مشاعر أساسية ( السعادة ، الحزن ، والغضب ، الخوف ، المفاجأة ، والإشمئزاز ) .

وهذه المشاعر الستة هي عبارة عن رد فعل للأحداث التي تحدث حولنا . ويتم التحكم فيها عن طريق هرمونات يفرزها الجسم ليندمج بشكل صحيح وواقعي مع تلك الأحداث .

وفي هذه المقالة سنتحدث عن هرمون هام مسؤول بشكل كبير ومباشر عن الشعور بالسعادة ، ويتحكم في الحالة المزاجية للإنسان ، وله وظائف أخرى هامة وحساسة كما سنعرف لاحقا .

كما سنعرف أيضا كيف يمكننا زيادة وتعزيز مستويات هذا الهرمون في الدم بالطرق الطبيعية . وماهي الأطعمة والمشروبات التي ترفع من تركيزه في الجسم ، وتعمل على زيادة الشعور بالرضى والسعادة .

كل هذا وأكثر سنتعرف عليه في هذه المقالة السعيدة والجذابة ، فهيا بنا …

ماهو هرمون السعادة ؟

في الواقع كيمياء المخ معقدة لأبعد الحدود . وفي الحقيقة هرمون السعادة ليس هرمونا واحدا ، لكنه أربعة هرمونات تتحكم في مشاعر الإنسان ، وهي :-

1- السيروتونين . وهو المسؤول الأهم عن الحالة المزاجية بشكل عام . وهو هام لتنظيم النوم والشعور بالإسترخاء والهدوء . كذلك ينظم الشهية وحركة الجهاز الهضمي . كما أنه هام للذاكرة والإنتباه والقدرة على التعلم .

وقد ارتبطت مستوياته المنخفضة بالتوتر والقلق والإكتئاب ، وباضطراب الوسواس القهري ، والشعور بعدم الثقة في النفس ، وبمشاكل في الهضم والنوم والذاكرة . أما مستوياته الصحيحة فمرتبطة بالمزاج المعتدل والراحة النفسية وطول العمر . لذا يسمى هرمون السعادة ، وهو محور حديثنا في هذه المقالة .

2- الدوبامين . أحد هرمونات السعادة التي ترتبط بنظام المكافأة في الدماغ . حيث يرتبط إفرازه بحدوث أحداث يحبها الدماغ ، فيفرز الدماغ الدوبامين كمكافأة للشخص ، فيشعر الشخص بأحاسيس ممتعة مثل الشعور بالنشوة والسعادة .

3- الأوكسيتوسين . يطلق عليه ( هرمون الحب ) فهو هام لتعزيز الثقة والمشاعر العاطفية في العلاقات . فمثلا يتم إفرازه أثناء الرضاعة الطبيعية فيزيد من شعور الأم تجاه طفلها بالحب والحنان ولتتعلق به أكثر . كما أنه يفرز وتزداد مستوياته أثناء المودة الجسدية كما يحدث أثناء القبل والأحضان والعلاقات الجنسية الجسدية .

4- الإندورفين . أحد هرمونات السعادة يفرزه الجسم كمسكن ومهدئ طبيعي أثناء الشعور بالألم أو التوتر أو الإجهاد . كما يفرز أثناء الإنخراط في أفعال يحبها الإنسان مثل تناول طعام شهي أو أثناء الجنس أو أثناء التمارين الرياضية .

أهمية السيروتونين ( هرمون السعادة )

هرمون السيروتونين هو عبارة عن ناقل عصبي يعمل على ربط خلايا الدماغ والجهاز العصبي ببعضها لتتواصل فيما بينها بشكل طبيعي .

كما أنه مهم للعديد من الوظائف الفسيولوجية في الجسم مثل حركة الجهاز الهضمي ، معدل ضربات القلب ، دورات النوم ، الشهية ، صحة العظام ، الرغبة الجنسية ….

وهو هام للصحة العقلية عموما وللصحة النفسية خصوصا . فهو المسؤول عن سعادتك وعن تعاستك في نفس الوقت .

ويصنع السيروتونين من حمض أميني يسمى التربتوفان . ويتم إنتاج جزء من السيروتونين في الدماغ ، أما الجزء الأكبر فيتم إنتاجه في الأمعاء من خلال البكتيريا النافعة . حيث تصنع البكتيريا النافعة أكثر من 90% من السيروتونين . ولهذا نجد أن أكثر السيروتونين يتركز في الجهاز الهضمي .

وفي حالة حدوث نقص في السيروتونين أو حدوث مشاكل في مستقبلاته فإن ذلك يؤدي لمشاكل نفسية وجسدية مثل الإكتئاب ، الوسواس القهري ، توتر وقلق ، رهاب وذعر غير مبرر ، عدوانية وحالات غضب مفرطة .

أيضا نقص السيروتونين يؤدي إلى الشعور بقلة تقدير الذات ، وسلوك إجتماعي غير منضبط ، وضعف في الذاكرة ، زيادة في الوزن ، تعب وإرهاق مستمر ، مشاكل واضطرابات في النوم والشهية ، عدم انتظام ضربات القلب .

فمن كل ماسبق نستطيع أن نعرف مدى أهمية السيروتونين لتتمتع بحياة هادئة ومزاج معتدل ، ولتشعر بالإيجابية وبالسعادة والتفاؤل والإنفتاح على الناس والمجتمع من حولك ، فهو بالفعل الهرمون الذي يجلب لك السعادة .

ومن حسن الحظ أنه يمكن التحكم في مستوياته بشكل طبيعي من خلال اتباع طرق معينة وأطعمة معينة تعزز إنتاجه وتقلل من فرص نقصه . وأهم هذه الطرق :-

1- التمارين الرياضية

العقل السليم في الجسم السليم ، هذه المقولة صحيحة لأبعد الحدود . فكلنا نعلم أن التمارين الرياضية مهمة لصحتنا البدنية ، لكن هل تعلم أن التمارين الرياضية مهمة أيضا للصحة العقلية والنفسية ؟

وهل تعلم أنه في حالات الإكتئاب الخفيف إلى المتوسط يكون تأثير التمارين الرياضية مشابه تقريبا لتأثير الأدوية التي تعالج الإكتئاب ؟

فالرياضيون يتمتعون بصحة ذهنية أفضل ، ورفاهية عاطفية أكبر ، وثقة في النفس أعلى . وهم أقل عرضة للأمراض العقلية مثل الزهايمر ، أو الأمراض النفسية مثل الإكتئاب .

فممارسة الرياضة خاصة في الصباح وفي الهواء الطلق تؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من التربتوفان الذي يعبر للدماغ ويتحول إلى السيروتونين . وليس هذا فحسب فالرياضة ستعمل على إفراز هرمونات السعادة الأخرى الإندورفين والدوبامين .

2- ضوء الشمس

عندما تدخل أشعة الشمس في عينيك سيؤدي ذلك إلى تحفيز شبكية العين لترسل إشارات إلى الدماغ ليقوم بعملية تصنيع السيروتونين بشكل مباشر .

كما أن التعرض لأشعة الشمس يساعد على إنتاج فيتامين دال الهام . ففيتامين دال (يطلق عليه الآن هرمون دال نظرا لأهميته القصوى لكل خلية في جسم الإنسان) أساسي لإنتاج السيروتونين في الدماغ . فهو هام في عملية تحويل التربتوفان إلى السيروتونين .

وهذا هو سبب أن فيتامين دال هام للصحة النفسية ، وبأن أحد أعراض نقصه الإكتئاب واضطرابات النوم . كما أن أحدالبروتوكولات الهامة في علاج الإكتئاب والأمراض النفسية هي عمل تحليل لفيتامين دال لتصحيح النقص فيه إن وجد .

3- الإستماع إلى الموسيقى

يمكن للموسيقى أن تخفف التوتر وتحسن الحالة المزاجية بشكل كبير . كما تزيد من القدرة البدنية على التحمل أثناء التمارين الرياضية .

وقد أثبتت الأبحاث أن الإستماع إلى الموسيقى التي يحبها الشخص يعمل على زيادة إفراز هرمونات السعادة السيروتونين والدوبامين والإندورفين بشكل كبير .

هرمونات السعادة
الرياضة ( خاصة الصباحية ) والموسيقى المحببة وضوء الشمس كلها تزيد هرمونات السعادة ، وبالتالي سيزداد الإحساس بالثقة والرضا والتفاؤل ، ويقل التوتر والإكتئاب

4- البروبيتيك ( البكتيريا النافعة )

ذكرنا بالأعلى أن السيروتونين ( هرمون السعادة ) يتركز في الجهاز الهضمي ، وأن معظم إنتاج السيروتونين يكون في الأمعاء عن طريق البكتيريا النافعة ( probiotics )

وتصنع البكتيريا النافعة الموجودة بشكل طبيعي في الأمعاء أكثر من 90% من السيروتونين ، وهو ما يؤثر على نشاط الجهاز الهضمي وكفاءته ، وعلى الحالة المزاجية ( الدماغ والقناة الهضمية يرتبطان ويتصلان ببعضهما من خلال ملايين الأعصاب ) .

وهذا هو سبب أن الرابطة الأمريكية لأمراض الجهاز الهضمي (AGA) ، والرابطة الأمريكية للطب النفسي (APA) قد أوصت بإضافة البكتيريا النافعة في برتوكولات علاج القولون العصبي وعلاج الأمراض النفسية .

وهناك مقالة تحدثنا فيها عن البروبيوتيك وعن مصادرها وفوائدها ، وللإطلاع عليها يرجى الضغط هنا .

5- النوم الجيد يحفز إنتاج هرمون السعادة

النوم الهادئ العميق ليلا ، ولفترة تتناسب مع العمر ( 7 إلى 9 ساعات للبالغين ) من أهم الأمور التي تجعل السيروتونين يفرز بشكل طبيعي .

لذا نجد أن الأشخاص الذين لا يحصلون على كفايتهم من النوم يوميا ، أو ينامون بشكل غير منتظم أو من يعانون من الأرق ، أو من ينامون وحولهم ضوضاء صاخبة ، نجدهم يستيقظون بمزاج سيء وعصبية وإجهاد بدني وذهني ، وقد تستمر معهم هذه الأعراض طوال اليوم .

أيضا إذا كنت ممن يشاهدون شاشات الأجهزة الحديثة كالهواتف المحمولة قبل النوم فإن الضوء الأزرق المنبعث من تلك الشاشات سيعمل على منع إفراز هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم ، وبالتالي سيتأثر إفراز هرمون السعادة ( السيروتونين ) .

لذا يجب الإبتعاد عن الشاشات قبل النوم بساعتين أو أكثر ، وأن نعمل على تنظيم ساعات نومنا ، وعلى تحسين جودة النوم ، حتى نستيقظ بنشاط وتفاؤل وإقبال على الحياة .

6- الطعام

من حسن الحظ أن السيروتونين هو أكثر هرمونات السعادة المرتبطة بالأطعمة ، بالتالي يمكن التحكم فيه عن طريق تناول أكلات تزيد من مستواه وأهم هذه الأطعمة :-

1- هناك أطعمة تحتوي على السيروتونين بشكل طبيعي ، وأغنى تلك الأطعمة بلا منازع هو الجوز ثم يأتي بعده الأناناس .

2- يصنع هرمون السعادة ( السيروتونين ) من حمض أميني يسمى التريبتوفان لذا فالأطعمة الغنية بالتريبتوفان تزيد من السيروتونين وبالتالي تزيد من الشعور بالسعادة .

وأغنى الأطعمة بالتريبتوفان هي سمك السلمون ولحم الديك الرومي وصفار البيض . كذلك الألبان والأجبان الطبيعية . أيضا منتجات الصويا غنية بالتربتوفان .

أما المكسرات فالكاجو والفستق واللوز والفول السوداني غنية بالتربتوفان . أيضا الكاكاو غني بالتريبتوفان لذا نشعر بالسعادة عند تناول الشوكولاتة .

3- الكربوهيدرات المعقدة مثل الشوفان وفشار الذرة ( popcorn ) والنشويات ( المكرونة بالذات ) تزيد من مستوى السيروتونين والشعور بالسعادة .

4- حمض الفوليك ( vitamin B9 ) أحد الفيتامينات التي ترفع مستوى هرمونات السعادة خاصة السيروتونين والدوبامين . وأغنى مصدر له هو الكبد ثم الموز والمكسرات والبيض .

5- فيتامين باء 6 ( B6 ) هام لتحويل التريبتوفان إلى سيروتونين وأهم مصادره أعضاء الحيوانات مثل الدماغ والكبد ثم اللحوم الحمراء ولحوم الدواجن والأسماك الدهنية ، أما الفواكه فأهمها الأناناس والتمر والأفوكادو والزبيب .

5- أيضا فيتامين سي هام لتحويل التريبتوفان إلى سيروتونين ، لذا إذا بدأت يومك بكوب من الفراولة أو عصير البرتقال أو بقطع من الشمام فستشعر بالنشاط والحيوية .

6- القهوة هو مشروب السعادة والطاقة العالمي فهي تقلل الإجهاد وتزيد من التركيز كما أنها تطلق هرمونات السعادة ( الدوبامين والسيروتونين ) في الدم بشكل مباشر وسريع . لكن لا ننسى الإعتدال في شربها .

المقالات ذات الصلة